للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فرأيت بخطِّه بحلب في رحلتي إليها في مجموع من مجاميعه، ترجمةً لصاحب الترجمة، قال فيها بعد ذكر مولده ونسبه:

وهذا الرَّجلُ في غايه ما يكونُ مِنَ استحضارِ الرِّجال والكلام فيهم. وله مؤلفات كثيره في تراجمهم. وله كتاب "لسان الميزان" كتابٌ حَسَنٌ، فيه فوائد. وله "شرح على البخاري" لم يكمله، نظرت فيه بعضَ نظرٍ. وله أخلاقٌ حسنة، ونوادرُ، وسُكُون، ويستحضر أشياء حسنةً مليحةً. وأمَّا الحديثُ، فله معرفةٌ تامَّةٌ برجاله المتقدمين والمتأخرين بتراجمهم وهو جملة (١) حسنة، لا أستحضر أنِّي رأيتُ مثله في معرفة رجاله المتقدِّم والمتأخِّر، واللَّه أعلم.

وقد سمع كثيرًا بالقاهرة ومصر ودمشق والحجاز وغيرها، وله مشايخُ كثيرة، سماعًا وإجازه. قُرىء عليه وعليَّ أشياء بحلب بالشَّرفية، وسمع عليَّ بقراءته وقراءة غيره، حفظه اللَّه تعالى للمسلمين.

وقد نظر "تعليقي على البخاري" أو غالبه، وأفاد على هوامش نسخة منها عزو تعليقات وُقفت على شيخنا ابن الملقن، وكذا نظر "ذيلي على ميزان الذهبي"، وكذا وقف على "تعليقي على سيرة أبي الفتح اليعمري"، وأفاد. وكذا نظر غيره من تعليقاتي، وكتب الفن التي عندي، وغالب ما نظره مِنْ تعليقاتي وغيره أفاد فيها بخطِّه، وقد أملى بجامع حلب عدة مجالس، وسُمِعَ عليه بعض مؤلفاته، وكذا بعض ما يرويه بمنزل القاضي الشافعي علاء الدين ابن خطيب الناصرية.

قلت: وكان الحافظ برهان الدين حين سمع بقدوم شيخنا عليهم، توجَّه إليه، وسلَّم عليه، وأخبره (٢) غير واحد مِنْ طلبته أنه سمعه يقول: رأيت رجلًا أمة يتوقَّد ذكاء، ليس في أشياخي مثله. وأكثر النَّقل عن شيخنا في "شرحه على البخاري". وقال في أول "شرحه" -كما قرأته في نسخة


(١) "جملة" ساقطة من (أ).
(٢) في (ب، ح): "وأخبر".