للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن أبي هريرة. وقوله: أظنُّه عن الأعمش، زيادة لا حاجة إليها، وهي وَهْمٌ (١) ممن رواها.

وأما حُكم الدارقطنيِّ وغيره بصحَّة حديث أبي صالح عن أبي سعيد، لا عن أبي هريرة، فإنّه صَدَرَ بالنِّسبة إلى التَّرجيح بين عاصمٍ والأعمش، فإنَّ الأعمش أحفظُ مِنْ عاصم وأتقن، كما تقدم.

وكأن الدارقطنيَّ لم يقف على رواية زيد بن أسلم التي ذكرها البزَّار، أو وقف عليها ولم يعتدَّ بها، لضعف إسنادها. وقد حصل هنا خلافان:

أحدهما: اختلاف الأعمش وعاصم. والأعمش أحفظُ منْ عاصمٍ، فروايتُه مقدَّمةٌ.

والثاني: خلافُ أصحاب الأعمش عليه. وقد قدَّمنا أنَّ الأكثر روَوْهُ عنه، عن أبي صالح، عن أبي سعيد، فما عدا ذلك يكون شاذًا، واللَّه أعلم.

وقد اتَّفق النُّقَّادُ على توهيم (٢) ما وقع في "صحيح مسلم" مِنْ أنَّه عن أبي هريرة، فتقدم حكاية ذلك عن الدارقطني وأبي مسعود الدمشقي، وكذا رأيته في "علل الأحاديث التي في صحيح مسلم" لأبي الفضل بن عمار الشهيد. واللَّه أعلم.

وقد ذكر الخطيب هذا الحديث في بعض تخاريجه من طريق محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، عن أبي عوانة كما مرَّ، وقال في الكلام عليه: خالفه عفَّان بن مسلم ويحيى بن حماد، عن أبي عوانة، فقالا: عن أبي هريرة، وخالفهما مُسدَّد وأبو كامل الجحدريُّ وشيبانُ بن فرُّوخ عن أبي عوانة، فقالوا: عن أبي هريرة أو أبي سعيد على الشَّكِّ. وكذا قال نصر بن علي، عن عبد اللَّه بن داود الخُرَيْبي عن الأعمش، ورواه مسدَّد عن الخُرَيْبي، فقال: عن أبي سعيد وحده مِنْ غير شكٍّ، ورواه زيدُ بنُ أبي أُنيسة عَنِ الأعمش، فقال: عن أبي هريرة. وكذا قال


(١) "وهم" ساقطة من (أ).
(٢) في (ب، ح): "توهم".