تختالُ ما بين مرقومٍ ومُنْتَسِجٍ ... كحُلَّةٍ بأعاليها طِرازاتُ
ومنشد الحيِّ لمَّا فَاهَ باسْمِكُم ... لبَّى نِداه مع الأحياء أمواتُ
كأن ساقينا في أودَعَ مِنْ ... ماءٍ الحياة إلى الأرواح أصواتُ
فلا بَرِحْتُم مدى الأيام شمسَ ضحى ... بسرِّها تستضيء المستنيراتُ
كأنَّكم في جبين الدَّهر غُرَّتُهُ (١) ... وللزمان عقودٌ لؤلؤيَّاتُ
يا مَنْ سما في معالي مجده فرأى ... نجومَ سَعدٍ بها تزهو السَّماواتُ
جَنابُ فضلك أمنٌ إذ يُلاذُ به ... وفي حماك لِمَنْ تَحْمِي حماياتُ
فمِنْ عطاياك جودٌ لا نَفَادَ لَهُ ... وفي قضاياك تنفيذٌ واثباتُ
ومِنْ أياديك سُحْبٌ بالنَّدى سَمَحت ... طولَ المدى ولِقَطْرِ المُزنِ ساعاتُ
يَحيَا بفضلك في الأيام دَارِسُها ... وبالعلوم فكم تحيَا دراساتُ
حدِّث بما شئت عَنْ قومٍ حَفِظْتَ لهم ... قديمَ عهدٍ، فعاشوا بعد ما ماتُوا
إنَّ الكرامَ إذا وَلَّت أصولُهم ... تَلي الفروعُ وتتلُوها الكراماتُ
فَلِلْمناصِب أعلامٌ وقد رُفِعَتْ ... بنَصْبها لذوي الآراء راياتُ
وفِعْلُ أمرِك حكمٌ دلَّ شاهدُه ... بعاملِ الجزمِ إذ فيه علاماتُ
منهاجُ أعداك خفضُ والحسودُ بها ... أصابَ سوءًا فأخْطَتهُ المسرَّاتُ
تجري بأحكامك الأقلامُ ما برِحَت ... طوعًا ومِنْ سرَّها تُغْنِي الإشاراتُ
فكم بها سادَ مَنْ والاه سُؤدَدُها ... وطال ما خدمتها المُرهفيَّاتُ
تُبدي الصَّحائفُ ما تُخفي ضمائرُها ... كأنَّما نطقت فيه الجماداتُ
قد أُلهمت علمَ سرِّ الحَرفِ فهي به ... تأتي بما سبقت فيه المشيئاتُ
قاضي الشريعة زينُ الكاتبين بها ... أولى القضاة كما عنه الولاياتُ
شهابُ عدلٍ سَما بالسَّعد طالعُه ... يحكي عَنِ الدِّين ما تُملي الرِّواياتُ
(١) في (أ): "غرتها".