للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سقامٌ بجسمي قد براه نحولُه ... تراه على فَرْطِ المحبَّة لا يَقْوى

أيقوى على جَمْرِ الغَضا قلبُ عاشقٍ ... تقلَّى كما العصفورُ بين مُدى شَوَّى

تملَّكني رِقًّا وألْبَسني ضنًا ... شكوتُ له وجدي فلم يُصْغِ للشَّكوى

فيا مالكًا رقِّي وقلبي ومهجتي ... تعطَّفْ وجُدْ فضلًا على قلب مَنْ تهوَى

وجُودُك لي راحٌ وجُودْك راحةٌ ... وقربُك أُنسٌ والبِعادُ هو البلوَى

أصون معنى حسنِه فيلَذُّ لي ... تعلَّلَ قلبي بالخيالِ وبالنَّجوى

وتاللَّه لا يشفى الخيالُ لعاشقٍ ... ولم يُغْنِه طِبُّ الدَّواء عَنِ الأدْوَا

لأنيَ ظمآنٌ على البحر واردٌ ... ألا اعْجَبْ لظمآنٍ ببحرِ ولا يروى

يعنِّفني العُذَّالُ عنك لأرعَوِي ... وبُغيةُ قلبي أنت، لا ميُّ لا عَلْوَى

لأنَّك فردٌ حافظُ العصرِ جامعٌ ... معاني أولي العرفان بالفهم والْفَحْوَى

أبو الفضل يا قاضي القضاة وحَبْرهم ... ترى السُّنَّة الغراء مِنْ حفظه تُروَى

أماليه تأتي عسْجدًا وجواهرًا ... عَلَت وغَلَت، خذها بإسناده الأقوى

ترى درجاتِ الخُلدِ فيها مَعَ الرِّضا ... فبشرى برضوان يبلِّغُنا عَفْوَا

أيا شيخ إسلام عليه مهابةٌ ... ومجدٌ له يعلُو على الغايةِ القُصوى

تصانيفُه لا حصرَ في ذكر عدِّها ... ففي كلِّ فنٍّ في العلوم له الجَدْوى

فكم سَهِرَتْ عيناهُ والنَّاسُ نُوَّمٌ ... وكم كتبتْ يُمناه مِنْ خبرٍ يُروى

وكم مِنْ شُروحٍ "للبخاريِّ" عِدَّةٍ ... طواها "بفتح الباري" أعجب لِمَا تُطوى

كساهُ جمالًا مِنْ عُذوبة لفظه ... فنارت به الدُّنيا وسُلِّمَتِ الدَّعوى

فتوَّجَهُ الأسماء مِنْ كل مُبْهَم ... خَفيٍّ على النُّقَّادِ با وَيْحَ مَنْ سَوَّى

شهابًا علا أُفْقَ السَّماء بدونه ... تباركَ مَنْ أنشا وسُبحان مَنْ سوَّى

وأبدعَ خلقًا ذاك (١) للوزن لا يفي ... وهذا صحيحُ الوزن ليس به إقوَا


(١) في (ب): "ذلك"، خطأ.