للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

العلاءُ تلقَّاها بمساعدة الأمير تغري بردي الدوادار عن (١) الشيخ نور الدين التّلواني بحكم وفاته، فباشرها شيخنا، وتألَّم العلاءُ لذلك.

وحضرنا السَّماع هناك في مجمع حافل -منهم الناصري ابن الظاهر جقمق- لقراءة "مناقب الشافعي" رضي اللَّه عنه تصنيف صاحب الترجمة بالقبَّة المجاورة للمدرسة المذكورة عند رأس قبر الإمام المطَّلبي رضي اللَّه عنه في يوم واحد ثامن جمادى الآخرَة سنة سبع وأربعين وثمانمائة، بقراءة أخي المعزول، صاحبنا الشيخ تقي الدين القلقشندي، وكان يومًا مشهودًا.

وممَّن حضر معه الدَّرس أول يوم محقق العصر القاياتي، والكمال بن البارزي وخلق، تكلَّم فيه على أول خطبة "الرسالة"، وساق نسبَ الإمام الشافعي، وذكر مَنْ في أجداده، وكذا مَنْ يلتقي بهم مِنَ الصَّحابة، ممَّا لا يشاركه في معرفته غيره مِنَ الموجودين، كما بيَّنه في المناقب.

ثم إنَّ العلامة الونائي لما رجع من الشَّام منفصلًا عن قضائها، سعى في تدريسها، لكونها كانت وظيفة صهره التَّلواني. قال شيخنا: فتركتُه له اختيارًا، وذلك في صفر (٢) سنة ثمان وأربعين، فباشرها سنة ونيِّفًا ثم ضعُف، فامتد (٣) ضعفُه نحو الشهرين، ومات في صفر سنة تسع وأربعين وثمانمائة، واستقر بعده القاياتي إلى أن مات، فاستقر بعده الشيخُ ولي الدين السفطي، ثم استقرَّ بعده فقيهُ الشَّافعية المناوي، ثم الحمصي، ثم المناوي إلى الآن، بورك في حياته.

فدروسه ممتعة محقَّقة، كثيرة الفوائد والفروع المنقَّحة والقواعد المحرَّرة، تقرُّ العيونُ بمشاهدتها، وتثلج الصدورُ بفهم واضحاتها ومشكلاتها، لا كمن جلس نائيًا في بعض الدُّروس المعيَّنة للفقه، فتكلَّم فيها بما قال كثيرٌ مِنَ الأئمة: إنه لا يليق بمثله الخوضُ فيه. وقال بعض


(١) في (ب): "عوضًا عن".
(٢) في (ب): "المحرم".
(٣) في (أ): "واستمر" وفي (ح): "وامتد".