للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقول غيره:

وكم عائبٍ قولًا صحيحًا ... وآفته من الفهم السَّقيمِ] (١)

وقد رأيتُ لشيخنا مجلدة مِنْ مهمِّ فتاويه سماها "عجب الدهر في فتاوى شهر"، افتتحه بقوله: الحمد للَّه الذي لا تنفذُ خزائنُه مع كثرة البذل، والصَّلاةُ والسَّلام على محمد الذي جمع شتات جهات الفضل، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، أكرِمْ بهم مِنْ صحبٍ وأهل.

أما بعد، فإن مَنْ غلب عليه الحسدُ، وقف على فتوى بخطي، وقع عند كتابتها ذهولُ عَنْ تقييد ما يُوهِمُ الإطلاق فيه، فشنَّعَ عليَّ في ذلك وبالغ، مع أنه عند التأمُّل لا يخفى المراد، فلمَّا بلغني ذلك، حداني على تدوين ما يقع لي مِنَ الأسئلة في شهرٍ واحدٍ، ليعذر من يقف عليها فيراها، وصوابُها أكثرُ مِنْ خطئها، فإنَّ الإنسان طُبع على السيان، والسَّعيدُ مَنْ غلب صوابُه على خطئه، وإنَّما يُلام مَنْ أصرَّ بعد قِيَام الحجَّة.

قلت: وعلى سبيل التنزُّل للخصم، فهو خيرٌ مِمَّن يجيب بتحصيل الحاصل، مثل تجوز ذلك على الوجه الشرعي، واللَّه المستعان.

وكان رحمه اللَّه لا يُحابي بالفُتيا أحدًا ولو عَظُم، اتَّفق في سنة ثلاث وعشرين لمَّا كُتبتِ المحاضرُ بكفر قرا يوسف وولده، وأثبتت على القضاة، وطِيفَ بها على المشايخ، فكتبوا في ظاهرها بتصويب الحُكمِ المذكور، كان مِنْ جملة مَنِ (٢) التُمست منه الكتابة صاحبُ الترجمة، فلم يزل يدافعهم عنها بعد إلزام السُّلطانِ وكاتب السِّرِّ له بذلك فالتزم، ولكنه لم يف -وللَّه الحمد- تقديمًا لحقِّ اللَّه تعالى، وعدم المحاباة في دينه.

ونحوُه ما حكاه صاحبُ التَّرجمة في "فتح الباري" أنَّ ملك الشَّرف شاه رُخ حاول في سلطنة الأشرف برسباي أن يأذن له في كسوة الكعبة


(١) من قوله: "وقد يكون الاعتراض". إلى هنا لم يرد في (ب). ومن قوله: "وقول غيره" لم يرد في (ط).
(٢) في (أ): "ما".