للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أتلفه دوابُّهم مالًا حتى لا يتضرَّر أحد بذلك.

وكان المصروف في الوليمة المذكورة نحو خمسمائة دينار، ولم يترك مِنْ أنواع المآكل والمشارب والفواكه والحلوى وما أشبه ذلك شيءٌ، فكان شيئًا عجبًا.

ووقع في هذا اليوم مما ضبطه أحد الأعيان، ممَّن حضر هذا المجلس، وهو الشيخ محيي الدين الكافيجي الحنفي [أن المقام الناصري] (١)، قال: يا مولانا شيخ الإسلام، هذا يوم طيِّبٌ، فلعلَّ أن تنعشونا ببيت مِنْ مفرداتكم، لعلّ أن نمشي خلفكم فيه، وإن كنتم كما قيل:

وما مثله في الناس إلا مُمَلَّكُ

فقال شيخ الإسلام: أخشى إن ابتدأت أن لا يكونَ موافقًا لما وقع بخاطركم، والأحسن أن تبتدىء أنت، فإن مشينا خلفه، فبها ونِعْمَت، وإلا ازددنا سرورًا، فقال الناصري:

هويتها بيضاء رعروبة ... قد شغفت قلبي خود الرَّداحْ

فقال صاحب الترجمة:

سألتُها الوصلَ فضنَّت به ... إنَّ قليلًا في الملاح السَّماحْ

فقال علي الدولشاي، وكان من محاضري المؤيد شيخ، وهو غاية في رقة الطبع، مع كونه تركيًّا.

قد جرحَتْ قلبي لمَّا رنت ... عُيونُها السُّودُ المِرَاضُ الصِّحاحْ

فهمهم الشرفُ الطُّنوبي، ولم يمكنه أن يقول شيئًا، فقال صاحب الترجمة:

ما للطنوبي غدا حائرًا


(١) ما بين حاصرتين ساقط من (ب).