للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تتهيَّأ المساواة ومُحالٌ اجتماعُ النَّقيضين من الضِّدَّين، هذا الذي طلع في سماء أوصاف الملوك هلالًا، وصرع نواحيه طيور الأفئدة، فصار ما يتخيَّله فيه الناظر محالًا، ونبغ في شريعة التاريخ، فمن رام مجاراته أنشد: يا صاحبي، ألا لا. هذا الذي أغرب، فأتى بفرائد لا تذكر معها "قلائد العقيان". وأطرب فلحن (١) السواجع لا يصغى إليه مع لحنه وإن أطربَ إنسان، وأقدم فرجع عنه النُّبلاء القهقرى، وأعلم بأن كلَّ مَنْ رامَ معارضته مِنَ الفحول، صيَّره العجزُ وراء الورى، فلقد جلَّى مِنْ هذه السِّيرة المؤيدية عروشًا تأيدت بسلطانها، فيا لعجب تأوَّدت ونطقت بفضل مخترعها الفرد في فنه، فقامت لها قلوبُ الألِبَّاء وقعدت, وأبدت من مفرداتها ومركباتها ما لم يطرق قبله لسامع أذُنًا، وأسمعت من ألحانها المطربة في حانها ما لا يدرك المعارض له لفظًا ولا معنى.

منطق صائب وتلحن أحيانًا ... وخيرُ الكلامِ ما كان لحنَا

فسبحان من أيَّد فكرته حتى أعربت عن لحن القول، وقوَّاها على البديهة حتى نادتها حوليَّات زهر لا قوَّة لي بهذا ولا حَوْل، وتبارك مَنْ أغناها عن التكلُّف (٢) في التصرُّف، فما أغناها، وأراحها مِنَ التوقف عن اتِّباع كلام السِّوى، فما أهياها (٣).

لقد توسَّعتْ في فنون الكلام، حتى أهملت بجواهرها كتاب "الصَّحاح"، وترضَّعت بكلِّ درَّةِ خَفَضَ (٤) كلُّ لبيب لها الجَنَاح، وترفَّعت بعزِّ سلطانها، فمن رآها نُصْبَ عينيه، قال: ليس على مخترعها مِنْ جُناح، وتنوَّعت بالفنون، فساح طَرْفُ ناظرها في معانٍ فساح.

(هكذا هكذا وإلا فلا لا)

طرق الجد غير طرق المزاح.


(١) في (أ): "فلحق"، تحريف.
(٢) في (أ): "التكليف".
(٣) في (ح): "السواء ما أهناها".
(٤) في (أ): "حفظ"، تحريف.