أنه ليس على شرط مسلم أيضًا، لأنه عن أيوب، ومن أجل عكرمة، فإن مسلمًا لم يخرج له في الأصول شيئًا، بل ولا في المتابعات إلا يسيرًا.
ثم مع ذلك فلعلَّهما استغنيا عنه بحديث عائشة أيضًا: كانت إحدانا إذا كانت حائضًا، أمرها رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فتأتَزِرُ بإزار، ثم يباشرُها. فإنَّ هذا الحديث يشتمِلُ على ما دلَّ عليه حديثُ عِكْرِمَةَ، ويزيدُ عليه، واللَّه أعلم.
الحديث الثاني: قال أبو داود: حدثنا عبد الوهاب بن نَجْدَةَ، حدثنا بقيَّة وشعيبُ بن إسحاق، عن الأوزاعي، عن محمد بن الوليد الزَّبيدي، عن سعيدٍ المقبُرى، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه، عَنِ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال:"إذا صلَّى أحدُكم فخلع نعليه، فلا يؤذِ بهما أحدًا، وليجعلهما بين رجليه أو ليصلِّ فيهما".
فأقول: ليس هذا الحديثُ على شرط الشيخين ولا أحدهما، وإن كانا أخرجا لرجاله بصورة الانفراد فلا يكونُ على شرطهما إلا إن كانا خرَّجا لهم بصورة الاجتماع.
وهذا كالحديث الذي أخرجه أبو داود مِنْ رواية همَّام عن ابن جريج، عن الزهري، عن أنسٍ في نزع الخاتم عند دخول الخلاء، فإن أبا داود قال بعد أن أخرجه: هذا حديث منكرٌ. وأخرجه النسائي، فقال: هذا حديث غيرُ محفوظٍ. كذا قالا، مع أنَّ الشيخين قد أخرجا لرواته، لكن بصورة الانفراد، إلا أن رواية همَّام عن ابن جريج ليست مِنْ شرطهما، لأن همَّامًا سمع مِنَ ابنِ جُريج بالبصرة، وابن جُريج حدَّث بالبصرة بأحاديث وهم فيها.
وجزم الدارقطنيُّ وجماعةٌ بأنه وهِمَ في هذا إسنادًا ومتنًا، وأنَّ الحديث إنَّما هو حديثُه عن زياد بن سعد، عن الزهري، عن أنس رضي اللَّه عنه أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- اتخذ خاتمًا.
ومن ذلك أنَّهما أخرجا لسفيان بن حسين والزهري بطريق الانفراد، ولم يخرِّجا مِنْ رواية سُفيان بن حسين عن الزهري شيئًا؛ لأن سماعه منه ليس بمتقن.