للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قاله ابنُ رجب (١)، محتجًّا بأنَّ فيه خالد بن عمرو القرشي؟

فأجاب: أمَّا قولُ الشَّيخ: إنه حديث حسن، فلعلَّه اعتضدَ عنده بطُرقه الموصولة والمنقطعة، لأن مخارجها مختلفة، ولأنه أيضًا مِنْ فضائلِ الأعمال، ولكثرة شواهد الركن الأول في الكتاب والسنة وأقوال السلف، وكذا الركن الثاني، ويزداد بشاهدِ الحسن والتجربة.

وأما قولُه: بأسانيدَ حسنةٍ، ففيه نظر، لأن ظاهره أنَّ كلَّ إسنادٍ منها على انفراده حَسَنٌ، وليس كذلك، لأنَّه ما مِنْ إسناد منها إلا وفيه رواةٌ لا يوصَفُ حديث كل منهم بالحسن مع الانفراد، فيحمَل قوله: على أن كلَّ واحد منها يُوصَف بالحسن لا لدلالته (٢)، بل باعتبار الصُّورة المجموعة [التي حملت كلامهُ أولًا عليها، وهذه عناية به، وإلا فإنه هو لم يلتزم هذه الطريقة] (٣)، في حديث "مَنْ حفِظَ على أمَّتي أربعين حديثًا".

وقد أجاد ابنُ رجب في جَمْعِ طُرقه، وفاته أنَّ الحاكم أخرج الحديث مِنْ طريق خالد بن عمرو الذي أخرجه ابن ماجه مِنْ طريقه، وقال: صحيحُ الإسناد، وتعقَّبه الذهبي في "تلخيص المستدرك"، فقال: خالدُ بن عمرو وضَّاع.

ومما تعقب به كلام ابن رجب: ما نقله عن ابن عدي وأقرَّه أن زافر بن سليمان رواه عن محمد بن عيينة، عن أبي حازم، عن ابن عمر رضي اللَّه عنهما، فإنَّ فيه تساهلًا، لأن الحديث الذي رواه [مِنْ طريق] (٤) زافر غير الحديث المسؤول عنه، وقد بين ذلك الحاكمُ، فأخرج في "المستدرك" أيضًا مِنْ طريق زافر، عن محمد، عن أبي حازم، وقال مرَّة: عن ابن عمر رضي اللَّه عنهما، وقال مرَّةً: عن سهل بن سعد رضي اللَّه عنه، قال: "جاء جبريل عليه السلام إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: يا محمد، عِشْ


(١) في جامع العلوم والحكم ٢/ ١٧٤، بتحقيقي.
(٢) في (ح): "لذاته".
(٣) ما بين حاصرتين ساقط مِنْ (أ).
(٤) ساقط مِنْ (ب).