للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله في "الصحيح": "إنَّه في التَّوراة ليس بفظٍّ ولا غليظ"، معناه: على المؤمنين، ونظيره قوله تعالى: {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: ٢٩]، فمعنى {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [المائدة: ٥٤]، أي: عاطفين عليه. {أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} أي متكبرين عليه، يغازونهم ويعادونهم.

ولا يجوز إتلاف نسخ "الشفا"، واللَّه أعلم.

قلت: وقد استدرك القاضي عز الدين الحنبلي على هذا الجواب في موضعين:

أحدهما: عند قوله: ولا خيريَّة في مستقرِّ النار ولا حُسْنَ في مقيلها، فقال: إذا كانت الأعرافُ منزلةً لا عِقابَ فيها، فأفعلُ في قوله: {وَأَحْسَنُ مَقِيلًا} [الفرقان: ٢٤] على بابها.

ثانيهما: عند قوله: وقد يُؤوَّلُ على شدَّته على الكفار والمنافقين. فقال: تأويلُه الغلظة بكونها على الكفار فيه شيء، وذلك أنَّ غلظة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على الكفَّار كانت أشدَّ مِنْ عمرَ بلا شكٍّ ولا ريب. انتهى.

وكذا كانت تَرِدُ عليه الأسئلة مِنْ بلاد المغرب. وممَّن كان يكاتبُه في ذلك محدِّثُ تونس أبو عبد اللَّه محمد بن محمد بن محمد بن القمَّاح، كما استفدتُ ذلك مِنْ ترجمته مِنْ "الإنباء" في سنة سبع وثلاثين وثمانمائة، حيث قال صاحب الترجمة: وكاتبني مرارًا بمكاتبات تدل على شدَّةِ عنايته بذلك، يعني بالحديث، ولكن بقدر طاقته في البلاد.

وكذا ورَدَتْ عليه أسئلةٌ كثيرة مِنْ ثَغْرِ الإسكندرية نظمًا ونثرًا مِنْ شيخ القرَّاءِ الشهاب أحمدَ بن محمَّد بن عمر بن هاشم الصَّنهاجي، وذكر لي ولدُه أنَّ عنده مِنْ ذلك جملةً.

وأمَّا ما قصدته مِنْ إيرإد شرذمَةٍ مِنْ كلامه في العلوم بتنويعها، ونُبذَةٍ مِنَ اختياراته التي ترجَّحَ عنده الدَّليل فيها (١)، فلم يتيسر لي الآن كثيرُ أمر


(١) مِنْ قوله: "في النظم المسؤول عنه". ص ٨٨٠ هذا الجزء إلى هنا سقط مِنْ مخطوطة (ط)، حيث ضاعت أوراقها، واللَّه المستعان.