قولهم: الصوفية لا يجتمعون عَنْ موعد، ولا يتفرَّقُون عَن مشُورة.
إشارة إلى أنَّ قلُوبهم مجتمعة، فمن أراد الاجتماع بالآخر، لا يحتاج إلى موعد، بل يحصُل له الاجتماع بمجرَّدِ الإرادةِ والاحتياج إليه.
وقولهم: الصُّوفيُّ لا يجاوزُ همَّهُ قدمَه.
معناه أنه قَصَر الهمَّ على ما يتعلَّقُ بأمرِ الدِّين، فلا اهتمامَ له بأمرِ الدُّنيا، فهمُّه مقصورٌ على نفسه.
وقولهم: ما اتَّخذَ اللَّه مِنْ وليٍّ جاهلٍ، ولو اتَّخذه لعلَّمَهُ.
معناه: -وليس هو حديث- إنَّ الوليَّ لا يكون جاهلًا باللَّه تعالى، والجهل باللَّه هو الجهلُ المُرْدي المهلك، وأمَّا الجهلُ ببعضِ المسائل، بحيثُ لا يكون الشَّخصُ محتاجًا إليها في جميع أحواله، بل إذا اضطرَّ إليها لم يُقْدِمُ عليها حتَّى يسألَ عنها أهلَ العلم بها، فليس المراد هنا.
وقولهم: السَّفر يُمَزِّقُ الأديان.
المراد به إدامة السَّفر، ومعنى تمزيق الدين: أنَّ فيه إخلالًا بكثيرٍ مِنَ العبادات والتوجُّهات، وهذا يؤيِّدُ قولَ مَنْ قال أيضًا: السفر عدوُّ الدِّين، وذلك بسببِ كثرةِ الحركة والإعياء، وكثرة الاختلاط والتَّخليط في المآكل المجتمعة مِنْ أجناسٍ متفرقة في أماكنَ مختلفةٍ باختيار وبغيرِ اختيارٍ.
قلت: وقد قال أبو المعالي جعفر بن حيدر العلوي فيما رواه السِّلَفِيُّ في "معجم السفر": الصوفي إذا سافر، فقدِ اختارَ الخرابَ على العمران، يعني التَّعبَ على الراحة، لكن الكنوز قد تُوجَدُ في الخرابات، ولا يوصل إلى الفوائد إلَّا بتعبِ النَّاس، لا بالراحة.
وقولهم: وجدنا إخوان زماننا مثلَ مَرَقةِ الطَّباخ، طيِّبة الرَّائحة، لا طعمَ لها.
المراد بتشبيه مودَّتِهم بما ذُكِرَ: أنَّها في الغالب تكونُ في الظَّاهر، لا في الباطن.