للمدرسة الشريفيَّة البهائية، فإنَّه دفع له مالًا كبيرًا، لكونه كان ماهرًا في طبخ السُّكَّر، فأفسده عَنْ آخره، وهدَّده صاحب التَّرجمة بإحضارِ الوالي إليه ونحو ذلك؛ لتوهمه أنه أخفى المالَ، ومع ذلك، فما أفاد، فأعرض عنه، وسافرَ المذكورُ إلى بلاد اليمن، فقيل: إنه أظهر تموُّلَه هناك.
وجيء له بشخص ممَّن أخذ له مالًا، وقد أمر بعضَ القُضاة حينَ ادَّعى عليه وكيلُه بسجنه بسببه، فأشار لبعض مَنْ كان ببن يديه إشارةً خفيَّة أن يشَفَعَ فيه، ففعل الرَّجُلُ، فأجابه لذلك، وأمر بإطلاقه، فقيل له: فلِمَ أمرت بشكواه؟ فقال: إنني قد شربتُ ماءَ زمزم أنَّ اللَّه يصرِفُ عنِّي حُبَّ المالِ، ولكني أخشى أن يطمع النَّاس في مالي، فيكونُ ذلك إضاعةً للمال.
ونحوه إظهارُ التَّحريض على كاتب الغيبة في الخانقاه البيبرسية، للخوف مِنْ طمَعِهم في التَّمادي على عدم الحضور، وإلا فقد كان يقولُ له سرًّا: إذا رأيتَ شخصًا بالبياطرة أو نحوها مِنْ الجهة الأخرى قاصدًا المجيء ليحضر وسبق، فلا تكتب عليه غيبة. وأين هذا ممن يأمر عند فراغه مِنْ القراءة أو قُبيلها بقفل باب المدرسة، بحيث مَنْ يجيء مِنَ الصوفية حينئذ لا يتمكَّن مِنَ الدخول، وتكتب عليه الغيبة. وممَّن كان وكيله في ذلك فخرُ الدِّين بن دويم الآتي ذكرُه في وصيَّته مِنَ الباب التاسع. وزعم أنَّه كان يقول له: أنت الفجرُ الصَّادق، وفلانٌ -ويعيِّنُ بعضَ نُوَّابه- الفجرُ الكاذب. وما أظنُّه -إن صحَّ وصفُه للأولِ بذلك- كان يريد إلَّا التفاؤل به، وإلا فقد رأيت بعضَ معتَبَرِي أهلِ مكَّة دوَّن عنه حكايةً عزاها لصاحب الترجمة لا شكَّ عندي في اختلاقه لها، أو اختلاقه لعزوها إليه (١)، إن كانت الحكاية قديمة، عفا اللَّه عنهما وإيانا.
وقد راج أمرُ الفخرِ المذكور في دُنياه وأثرى، ببركة موكِّله، جريًا على عادَةِ مِنْ ينتمي إليه، بحيث كان الكثير منهم يعتَرِفُ بذلك، فحكى لي التاجرُ بدرُ الدِّين حسن بن علي المرجُوشي جارُنا، وكان مِنَ الخيار الثِّقات، سمِعَ الحديثَ على صاحبِ التَّرجمة، قال: ألزمني الأميرُ جمال الدين