قلتُ: وكذا هو عند الجماعة كلهم قالوا: (قال ركانة: وسمعتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: فرق ما بيننا وبين أهل الكتاب .. إلخ) فجملة (قال ركانة) قد سقطت وهمًا في الرواية الماضية. قال الحافظ: "فظهر من ذلك أن محمدًا أرسل حديث المصارعة، وأسند حديث العمامة عن أبيه .. ". قلتُ: وهو كما قال الحافظ، فإن قول محمد بن ركانة في أوله: "أن ركانة صارع النبي - صلى الله عليه وسلم - ... " فظاهر في الإرسال. وقوله: (قال ركانة: وسمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: فرق ما بيننا وبين أهل الكتاب ... إلخ) ظاهر في الاتصال إن كان محمد قد سمع من أبيه، ومحمد بن ركانة ذكره ابن حبان في التابعين، فليست له صحبة إن شاء الله، وذكر المزى في "تحفة الأشراف" [رقم ٣٦١٤]، أن ابن قانع روى هذا الحديث في "معجمه" من طريقين عن قتيبة عن محمد بن ربيعة عن أبى الحسن عن محمد بن يزيد بن ركانة [كذا، وصوابه: عن أبى جعفر بن محمد ... ] عن أبيه: أن ركانة صارع النبي - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره ... قال المزى: "ولم يذكر أبا جعفر". قلتُ: قد سقط وهمًا من بعضهم أيضًا. وإلا فلا تعرف لأبى الحسن العسقلانى رواية إلا عن أبى جعفر بن محمد بن ركانة. لكن: يأبى محمد بن يونس الكديمى إلا أن يقلب الأمور رأسًا على عقب، فتراه يحدث عن إسماعيل بن عبد الله بن زرارة عن محمد بن ربيعة عن أبى جعفر العسقلانى، عن طلحة بن يزيد بن ركانة عن أبيه عن جده مرفوعًا قال: "لا تزال أمتى على الفطرة ما لبسوا العمائم على القلانس" هكذا أخرجه الديلمى في "مسنده" [٣/ ١٧٥] وما قيمة هذا الإسناد وذالك المتن؟! والكديمى مكشوف الأمر جدًّا، وهو غير مرفوع عن حفظ ومعرفة. ولكن أين الحياء والدين؟! راجع "الضعيفة" [١٣/ ١٧٥]. وقد خولف فيه، خالفه الحسين بن موسى أبو على البطنانى الحلبى: فرواه عن إسماعيل بن عبد الله بن زرارة عن محمد بن ربيعة الكلابى بإسناده ومتنه كما عندالجماعة. هكذا أخرجه ابن العديم في "بغية الطلب" [٣/ ١٠٩]، وهذا هو المحفوظ. وقصة مصارعة ركانة للنبى - صلى الله عليه وسلم - قد وردت من طرق بأسانيد لا يصح منها شئ، وقد تكلمنا عليها في غير هذا المكان. نسأل الله العفو والغفران.