قلتُ: هذا إسناد تالف جدًّا؛ قال الدارقطنى: "تفرد به عيسى بن ميسرة، وهو عيسى بن أبى عيسى الخياط عنه - يعنى عن أبى الزناد". وعيسى هذا شيخ متروك الحديث عندهم، ما علمت أحدًا أثنى عليه قط، وهو من رجال ابن ماجه وحده، وقد فرق البخارى بينه وبين (عيسى بن ميسرة) وجعله (عيسى بن أبى عيسى) وهذا من أوهامه، كما نبه عليه أبو حاتم الرازى؛ وشرحه الخطيب في "موضح الأوهام" وجزما بكونهما واحدًا، وهو كما قالا؛ وترجمة عيسى في "التهذيب وذيوله". وهذا الحديث قد ذكره له ابن عدى في ترجمته من "الكامل" وعده من مناكيره؛ ثم قال في ختام الترجمة: (ولعيسى هذا غير ما ذكرت من الحديث، وأحاديثه لا يتابع عليها متنًا ولا إسنادًا). لكن نقل المناوى في "فيضه" [٤/ ٢٤٦]، عن العاصرى أنه قال في "شرح الشهاب": "صحيح"، يعنى هذا الحديث بذاك اللفظ، والعامرى هذا هو محمد بن عبد الله بن أحمد المعروف بابن الخباز، له اشتغال بالفقه والحديث وبعض الفنون؛ لكنه لم يبرع إلا في فن التصوف الذي كان يجيده جدًّا، فما له والخوض فيما لا يحسن؟! وقد اعتذر عنه الإمام في "الضعيفة" [٤/ ١٥٩]، بكونه ربما أراد بتصحيحه الحديث: يعنى أنه صحيح المعنى. وقد رواه ابن أبى فديك عن عيسى الخباط هذا بإسناده به ولكن بسياق أتم؛ ولفظه: (الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب، والصدقة تطفئ الخطيئة كما تطفئ الماء النار؛ =