قلتُ: وهذا إسناد حسن صالح، وقال ابن كثير في "البداية" [٦/ ١٢٣]، بعد أن ساقه من طريق أحمد في "المسند": "هذا إسناد على شرط مسلم .. " وليس كما قال؛ لأن مسلمًا لم يحتج برواية أبى سفيان عن أنس،؛ وقال البوصيرى في "مصباح الزجاجة": "هذا إسناد صحيح، إن كان أبو سفيان، واسمه طلحة بن نافع سمع من جابر". قلتُ: وهذه منه غفلة مكشوفة، كأنه خال أن أبا سفيان يرويه (عن جابر) وهكذا تزوغ الأبصار، ثم تصحيحه لسنده فيه إفراط؛ لأن أبا سفيان مختلف فيه. والجمهور على تمشية حديثه، ومن دونه ثقات مشاهير؛ وعنعنة الأعمش مجبورة بإكثاره من الرواية عن أبى سفيان، والمدلس إذا أكثر من الحديث عن شيخ له معروف به؛ ثم عنعن عنه، حملت عنعنته عنه على السماع ما لم يظهر خلاف ذلك، هكذا قاله الحميدى - شيخ البخارى - وغيره من النقاد؛ وقد شرحنا ذلك في غير هذا المكان. والحديث ذكره الذهبى في "تاريخه" [١/ ٢٩]، من طريق أبى معاوية بإسناده به ... ثم قال: (هذا حديث صحيح) فلعله لشواهده، وقد وقفت له على طريق آخر عن أنس به نحوه ... أخرجه أبو نعيم في "الحلية" [٧/ ١٠٧]، من طريق أبى الشيخ الأصبهانى عن محمد بن أحمد بن معدان عن محمد بن عوف عن نصر بن المهاجر المصيصى عن بشر بن السرى عن الثورى عن إبراهيم بن ميسرة عن أنس به ... =