فأوهم صنيعه أن سليمان بن بلال قد تابع المسور على وصله إلى أبى سعيد، وليس كذلك، بل خالفه سليمان بن بلال: ورواء عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار به مرسلًا ... كما هو ظاهر رواية الطحاوى. وكذا ذكره الدارقطنى في "علله" [٦/ ٢٩٧]. وقد انخدع الزيلعى بظاهر إسناد الحاكم، فجزم في "ذيل تاريخ بغداد" [٤/ ٣٧٨]، بكون سلميان بن بلال قد تابع المسور على وصله عن أبى سعيد، ورد بذلك على قول البزار بعد أن رواه في "مسنده" على الوجه الماضى عن المسور: "هكذا رواه المسور بن الصلت مسندًا، وخالفه سليمان بن بلال فأرسله عن عطاء عن يسار عن النبي عَيلط ولم يذكر أبا سعيد، ولا نعلم أحدًا قال فيه: (عن أبى سعيد) إلا المسور بن الصلت وليس بالحافظ". قلتُ: بل ضعفه جماعة وتركه النسائي والأزدى كما في "اللسان" [٦/ ٣٧]، فالمحفوظ في حديث أبى واقد وأبى سعيد هو الوجه المرسل عن عطاء بن يسار. ثم وجدت الحاكم قد قال في [٤/ ١٣٨]، عقب الراوية الماضية: "رواه عبد الرحمن بن مهدى عن سليمان بن بلال عن زيد بن أسلم مرسلًا". قلتُ: لعل زيد بن أسلم سمعه من عطاء مرسلًا، ثم سار يرسله ولا يذكر فيه عطاء، ويؤيده أن: معمر قد رآه عن زيد بن أسلم به مرسلًا عند عبد الرزاق [٨٦١١]، وسواء كان من مرسل زيد أم عطاء فهو مرسل ولا مزيد. فإن قيل: قد توبع المسور بن الصلت عليه موصولًا عن أبى سعيد، تابعه خارجة بن مصعب عند أبى نعيم في "الحلية" [٨/ ٢٥١]، وابن عدى في "الكامل" [٣/ ٥٧]، كلاهما عن ابن خبيق عن يوسف بن أسباط عن خارجة به ... قلتُ: وهذا إسناد كأن لم يكن، وخارجة قد خرج - منذ القدم - عن جملة الثقات والمقبولين إلى شرذمة الهلكى والمتروكين، وقد كذبه ابن معين وغيره. والرواى عنه ضعيف الحفظ على زهده. ثم جاء هشام بن سعد المدنى وخالف الجميع، ورواه عن زيد بن أسلم فقال: عن ابن عمر به .. وذكر المرفوع منه، هكذا أخرجه ابن ماجه [٣٢١٦]، والحاكم [٤/ ١٣٨]، والدارقطنى في "سننه" [٤/ ٢٩٢]، من ثلاثة طرق عن معن بن عيسى عن هشام بن سعد به. =