قلتُ: وهو كما قال، لكنه غفل - هو الآخر - عن كون (أبى نضرة) لم يحتج به البخارى أيضًا، ثم إن حماد بن سلمة قد اختلف عليه في إسناده، فرواه عنه: ١ - عفان بن مسلم. ٢ - وسليمان بن حرب. ٣ - وحجاج بن المنهال. ٤ - وعبد الأعلى النرسى. ٥ - وعباد بن موسى. ٦ - والحسن بن موسى. ٧ - محمد بن عبد الله الخزاعى، وغيرهم، كلهم رووه عن حماد بن سلمة على الوجه الماضى. وتابعهم عبد الواحد بن غياث عند البيهقى في "سننه" [٢٠٢٨٦]، من طريق أبى الحسن الحمامى عن أبى محمد ابن أخت أبى عوانة يوسف بن يعقوب القاضى عن عبد الواحد به ... ثم رواه البيهقى [برقم ٢٠٢٨٧]، بهذا الإسناد عن عبد الواحد بن غياث فقال: ثنا حماد بن سلمة عن سعيد الجريرى عن أبى نضرة عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بمثله إلا أنه لم يسم كم ترك ... هكذا ذكره البيهقى. وهذا عندى منكر، ويشبه أن يكون الوهم فيه من حماد بن سلمة نفسه، فهو قد تغير يسيرًا في آخر عمره، وسماع عبد الواحد منه إنما كان بآخرة، فلعل حمادًا كان يأتى به على وجهه كلما حدث به، لكن اتفق مرة أن وهم فيه فقال: "عن سعيد الجريرى عن أبى نضرة عن رجل ... " وسهل عليه ذلك لشهرة هذه الترجمة، ولم يضبطه. وقد يكون الوهم فيه ممن دون حماد، وقول الإمام في "الإرواء" [٦/ ١٠٩]: "الظاهر أن حماد بن سلمة كان له إسنادان في هذا الحديث" بعيد عندى. وقد مضى أن ثمانية من الثقات - وفيهم حفاظ - رووه عن حماد بالإسناد الأول. وهذا هو المحفوظ إن شاء الله. وعلامة الغفلة وقلة الضبط ظاهرة في ذلك الطريق الماضى: (عن سعيد الجريرى عن أبى نضرة عن رجل ... ) فتأمل! ثم ظهر لى: أن الظاهر هو ما قاله الإمام الألبانى، فانظر الحديث بعد الآتى.