هكذا وقع عنده، فإن لم يكن خطأ من الناسخ أو وهمًا من بعضهم، فهو أنموذج آخر من تخليط ابن لهيعة، وقد خولف في الإسناد الأول، خالفه محمد بن أبى عبيد والد عبد العزيز الدراوردى، فرواه عن الربيع بن سبرة عن أبيه سبرة بن معبد به نحوه ... وذكر فيه ما قاله عمرو بن مرة ... ، فجعله من (مسند سبرة بن معبد) وذكر عمرو بن مرة فيه عرضًا، هكذا أخرجه الطبراني في "الكبير" [٧/ رقم ٦٥٥٤]، من طريق محمد بن نصير الأصبهانى - وهو ثقة - عن الشاذكونى عن عبد العزيز الدراوردى عن أبيه به .... قلتُ: وهذا إسناد واهٍ، الشاذكونى قد غسل النقاد أيديهم من حديثه بماء وأشنان، ولم يكن مدفوعًا عن سعة حفظ ومعرفة وفهم، ولكن أين الحياء والدين؟! ولم يستطع أن يصون نفسه بين أهل الحديث حتى سقط إلى الأبد ووالد الدراوردى يقول عنه الهيثمى في "المجمع" [١/ ٤٦٠]: "لم أر من من ترجمه" وبه أعله، وسكت عن الشاذكونى. تنبيه: حديث عمرو بن مرة قد عزاه الهيثمى في المجمع [١/ ٤٥٨]، والحافظ في الإصابة [٤/ ٦٨١]، إلى أحمد في (المسند)، وقد بحثتُ عنه فيه فلم أجده، وقبلى بحث الإمام عنه فلم يجده أيضًا، كما في "الضعيفة" [١٣/ ٩٣٢]، ومثله فعل حسين الأسد ولم يجده هو الآخر. ثم رأيت الحافظ البوصيرى قد عزاه إلى أحمد في "إتحاف الخيرة" [رقم ٤٠٤]، فقال: "قلتُ: رواه أحمد: ثنا قتيبة بن سعيد والحسن قالا ثنا ابن لهيعة ... ". ثم ذكره، وهكذا رأيتُ الحافظ ذكره بإسناده في "أطراف المسند" [٥/ رقم ٧٨٤٥]، وكذا الهيثمى أيضًا في "غاية المقصد" [٢٥٦]، فالظاهر أنه سقط من المطبوعة مع ما سقط منها، ثم وقفتُ على جزء الأحاديث الساقطة من "المسند" فوجدته فيه [برقم ٣٤٢٩٧، ٢٤٢٩٨]، وزاد في آخره: (قال عمرو - يعنى ابن مرة - فكتمتُ هذا الحديث منذ عشرين سنة) فللَّه الحمد.