قلتُ: وهذا وهم آخر، فإن تلك الرواية لأحمد وليس لولده، ثم استدرك المنذرى فقال: "وأراه حديث الحارث بن أقيش" وهذا هو الصواب. ولم ينتبه له الهيثمى في المجمع [٣/ ٩٠]، فقال: (رواه أحمد من حديث أبى برزة، ورجاله ثقات) وكذا قال في "غاية المقصد في زوائد المسند" [١١٧٧]، وتبعه السيوطى في "الجامع الكبير" [١٤٠٨/ حرف الميم] وعزاه لأحمد عن أبى برزة، وتبعه الهندى في "كنز العمال" [٦٥٩٩]، وكل ذلك وهْم محض، فانتبه أيها المسترشد. ومدار الإسناد على عبد الله بن قيس، وهو شيخ غائب، قال ابن المدينى: " ... مجهول لم يرو عنه غير داود، ليس إسناده بالصافى" يعنى إسناد هذا الحديث؛ فكأنه يضعفه به، وقال الحافظ في التقريب (مجهول) ثم غفل وقال في "الإصابة" [١/ ٥٦٢]، في ترجمة ابن أقيش: (أخرجه ابن ماجه حديثه في الشفاعة بسند صحيح) كذا قال، فسبحان الله ربى لا يغفل ولا ينام، وتوثيق ابن حبان لعبد الله بن قيس، هو كعدمه، والحديث أخرجه البخارى في "تاريخه" [٢/ ٢٦١] مختصرًا بجملة الشفاعة ثم قال: "إسناده لبس بذاك المشهور" وصحح إسناده المنذرى في "الترغيب" [٣/ ٥٦]، وجوده البوصيرى في "الزوائد" [٤/ ٢٦٢]، وهذا تساهل سافر لا يعجبنى، ومن عبد الله بن قيس يا قوم؟!. لكن للحديث شواهد تصححه دون زيادة: (وإن من أمتى من يعظم للنار حتى يكون أحد زواياها) فهى زيادة منكرة كما جزم به الإمام في "الضعيفة" [١٥/ ٣٦٧]، ولسائر الحديث - دون الجملة الأخير - شواهد عن جماعة من الصحابة بأسانيد نظيفة: مضى منها حديث أبى سعيد الخدرى [برقم ١٢٧٩]، وسيأتى حديث ابن مسعود [برقم ٥٠٥٨]. * وجملة: (وإن من أمتى من يدخل بشفاعته أكثر من مضر) يشهد لها حديث أبى أمامة عند أحمد [٥/ ٢٥٧]، وجماعة، بسندٍ قوى. ويشهد لها حديث ابن أبى الجدعاء الآتى [برقم ١٥٨٩٦].