فقال: "قد رواه شعبة وغير واحد عن عثمان بن المغيرة فرفعوه، ورواه مسعر وسفيان - يعنى الثوري - عن عثمان بن المغيرة فلم يرفعاه، وقد رواه بعضهم عن مسعر فأوقفه ورفعه بعضهم. ورواه سفيان الثوري عن عثمان بن المغيرة فأوقفه .. ". قلتُ: الظاهر أنه قد اختلف على الثوري ومسعر في الرفع والوقف، غير أن الرفع أرجح دون تردد. وقد مضى أن عثمان قد توبع عليه. والحديث قد حسنه جماعة: منهم الترمذي وابن عدى وموسى بن هارون الحمال والذهبي وابن حجر وغيرهم. وصححه جماعة سواهم. ومداره على أسماء بن الحكم، وهو شيخ صدوق إن شاء الله، ولم يصب من رماه بالجهالة، كالبزار وبعضهم! نعم: لم يذكروا من الرواة عنه سوى رجلين! ولم يوثقه - نصًا - غير العجلي وابن حبان، والأخير قال: "يخطئ"، ثم أخرج حديثه في "صحيحه". وتعجب منه الحافظ بما تراه في "التهذيب" [١/ ٢٦٨]، وتعجُّبُه مردود - بمجموعه - عند النظر. وعبارته هناك: "وقال ابن حبان في "الثقات": "يخطئ"، وأخرج له هذا الحديث في "صحيحه"، وهذا عجيب؛ لأنه إذا حكم بأنه يخطئ وجزم البخاري بأنه لم يرو غير حديثين، يخرج من كلاهما أن أحد الحديثين خطأ، ويلزم من تصحيحه أحدهما انحصار الخطأ في الثاني". قلتُ: ما كان له أن يحاكم الرجلَ إلى جَزْمِ غيره! ومن أين له أن ابن حبان يوافق البخاريَّ على أن أسماء ليس له سوى حديثين اثنين في حياته كلها؟! على أن جَزْمَ البخارى إنما كان بالنسبة إلى ما وقع إليه من حديث أسماء، ولا ينفى أن يكون له سواهما في عالم الإمكان. وكذا مشَّى "أسماء" كلُّ من حسَّن له هذا الحديث أو صححه. لكن ذكره جماعة في "الضعفاء". وقال البخارى في "تاريخه" [٢/ ٥٤]: " ... ولم يُرو عن أسماء بن الحكم إلا هذا الواحد - يريد الحديث الماضى - وحديث آخر لم يُتابع عليه .... ".=