وهذا الوجه: رجحه البخاري وجزم بكونه المحفوظ عن علقمة، نقله عنه الترمذي في "علله". وتابعه على ذلك: البيهقي في "سننه" [١/ ٤٥٢]. وهو الذي استظهره الإمام في "الصحيحة" [٥/ ٣٧٩]. لكنَّ أبا الحسن الدارقطني قد خالف الكل، وجزم بكون طريق الأعمش هو المحفوظ عن إبراهيم. فقال في "علله" [٢/ ٤٠٢]: "وقد ضبط الأعمش إسناده وحديثه، وهو الصواب ... "، ثم سأله الحافظ البرقانى فقال له: "إن البخاري فيما ذكره أبو عيسى عنه - يعنى الترمذي في "علله" - حكم بحديث الحسن بن عبيد اللّه على حديث الأعمش"، فأجابه الدارقطني قائلًا: "قول الحسن بن عبيد اللّه عن قرثع غير مضبوط؛ لأن الحسن بن عبيد اللّه ليس بالقوى ولا يقاس بالأعمش". قلتُ: وتضعيفه للحسن، إنما هو في مقابلته للأعمش، كما نبَّه عليه الحافظ في "التهذيب" [٢/ ٢٩٢]. وإلا فالحسن: ثقة صدوق عندهم. نعم: إنْ قوىَ الجمع بين هذين الوجهين، فذلك أولى. كأن يكون علقمة قد سمعه من عمر تارة، ثم قابل قرئعًا فحدثه به عن قيس بن مروان عن عمر به. وهذا بعيد في ذوقى، وإن كُتِبَ علينا أن نسلك مسلك الترجيح بينهما: فالقول قول الأعمش كما جزم الدارقطني، وهو أحفظ في إبراهيم من الحسن بن عبيد اللّه بلا شك. بل الأعمش فوق الحسن في كل شيء، بل قال البخاري نفسه: "لم أخرج حديث الحسن بن عبيد اللّه - يعنى في "صحيحه" -؛ لأن عامة حديثه مضطرب" هكذا نقله عنه الحافظ في "التهذيب" [٢/ ٢٩٢]. ولعل البخاري: رجَّح طريق الحسن على طريق الأعمش؛ لكونه قد زاد في إسناده "القرثع"، أما الأعمش فإنه سلك الجادة عن إبراهيم، وهم يعتبرون الزيادات في طرق الأسانيد، ويرجحون بها أحيانًا. وعلى كل حال: فالحديث ثابت من الوجهين معًا. فطريق: "إبراهيم عن علقمة عن القرثع عن قيس - أو ابن قيس رجل من جعفى - عن عمر به .... ". إسناده حسن. =