للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عن أبى نضرة، عن أبى فراس، قال: شهدت عمر بن الخطاب، وهو يخطب الناس، قال: فقال: يا أيها الناس، إنهً قد أتى عليَّ زمانٌ وأنا أرى أن من قرأ القرآن يريد الله وما عنده، فيخيل إلى أن قومًا قرءوه يريدون به الناس ويريدون به الدنيا، ألا فأريدوا الله بأعمالكم، ألا إنا إنما كنا نعرفكم إذ ينزل الوحى، وإذ النبي - صلى الله عليه وسلم - بين أظهرنا، وإذ ينبئنا الله من أخباركم، فقد انقطع الوحى، وذهب نبى الله، فإنما نعرفكم بما نقول لكم، ألا من رأينا منه خيرًا ظننا به خيرًا وأحببناه عليه، ومن رأينا به شرًا ظننا به شرًا وأبغضناه عليه، سرائركم بينكم وبين ربكم، ألا إنى إنما أبعث عمالى ليعلموكم دينكم، وليعلموكم سننكم، ولا أبعثهم ليضربوا ظهوركم، ولا ليأخذوا أموالكم، ألا فمن رابه شيءٌ من ذلك فليرفعه إلى، فوالذى نفس عمر بيده لأقصنكم منه، قال: فقام عمرو بن العاص، فقال: يا أمير المؤمنين، أرأيت إن بعثت عاملًا من عمالك فأدب رجلًا من أهل رعيته فضربه، إنك لمقصه منه؟ قال: فقال: نعم، والذى نفس عمر بيده لأقصن منه، ألا أقص وقد رأيت رسول


= الواسطى وجماعة، كلهم رووه عن الجريرى على الوجه الماضى. فجاء معمر بن راشد ونادى بمخالفة الكل، ورواه عن الجريرى عن عمر بن الخطاب به ... ولم يذكر فيه "أبا نضرة" ولا "أبا فراس".
هكذا أخرجه عبد الرزاق [رقم/ ٦٠٣٦]، عن معمر به. والقول الأول: هو المحفوظ بلا تردُّد. وسماع معمر من الجريرى: إنما كان متأخرًا وقت اختلاطه؛ فإما أن يكون معمر: قد وهم في إسناده - وهذا بعيد عندى - وإما أن يكون الجريرى قد حدث به قبل اختلاطه على الوجه الماضي - الأول - ثم اختلط وتغير، فعاد يحدِّث به فلم يَدْرِ ما يقول، فسمعه منه معمر وهو في تلك الحال، وهذا هو الأقرب إن شاء الله. وسماع شعبة والثورى وغيرهما هذا الحديث من الجريرى: إنما كان قديمًا قبل اختلاطه بأعوام.
ثم رأيتُ ابن كثير قد ذكر في كتابه "مسند الفاروق" [٢/ ٢٧] أن ابن المدينى قد أخرج هذا الحديث في "مسند عمر" ثم قال: "إسناده بصرى حسن، لا نعلم في إسناده شيئًا يطعن فيه، وأبو فراس رجل معروف من أسلم، روى عنه أبو نضرة وأبو عمران الجونى).
قلتُ: وهذه فائدة عزيزة جدًّا، وكلام هذا الإمام مقدَّم على تجهيل من جهَّل أبا فراسٍ أو لم يعرفه، فالرجل صدوق، والإسناد حسن كما قاله ابن المدينى، وهو إمام هذا الشأن وحامل لوائه.

<<  <  ج: ص:  >  >>