قلتُ: قال البزار: "لا نعلمه رواه عن قتادة عن أنس إلا سعيد" وتعقبه البوصيرى قائلًا: "قلتُ: إنما رواه يحيى بن المعلى ولم يتابع عليه، وهو متروك". قلتُ: لا أدرى كيف وقع للبوصيرى هذا؟! فإن يحيى بن المعلى بن منصور شيخ ثقة صاحب حديث من رجال ابن ماجه، وترجمته عند المزى في "التهذيب" فكيف أغفل البوصيرى النظر فيه؟! • والصواب: أن المنفرد بهذا الإسناد الذي لم يتابع عليه: هو سعيد بن بشير كما أشار البزار آنفًا، وسعيد هذا ضعيف صاحب مناكير، والمحفوظ عن قتادة هو الوجه الأول الذي عند المؤلف؛ وقد عرفت ما فيه! وللحديث طريق آخر عن عكرمة عن ابن عباس به ... أخرجه الطبراني في "الكبير" [١١/ رقم ١١٦٦٨]، وابن عدى في "الكامل" [٧/ ٢١]، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم -" [رقم ٨٣٤]، وغيرهم من طرق عن عبد الرحمن بن محمد المحاربى عن النضر بن عبد الرحمن الخراز عن عكرمة به. .. قلتُ: وهذا إسناد ماله قائمة، والنضر هذا ساقط الرتبة؛ منحط الدرجة، وقد تركه جماعة من النقاد، وضعفه آخرون، وهو من رجال "التهذيب"؛ وقد ذكر له ابن عدي هذا الحديث في ترجمته من "الكامل" مع جملة أخرى من حديثه في ترجمته من "الكامل" مع جملة أخرى من حديثه عن عكرمة ثم قال: "وهذه الأحاديث ... عن النضر كلها غير محفوظ، ... ". لكن للحديث شاهد عن أبى ذر مرفوعًا عند أبى داود والترمذى والنسائي وابن ماجه وجماعة؛ وقد اختلف في سنده على ألوان، والمحفوظ فيه مرسل كما شرحناه في "غرس الأشجار". وله طريق آخر عن أبى ذر نحوه عند النسائي [٥٠٧٧]، بإسناد ضعيف أيضًا، وله شاهد ثان عن أبى الطفيل به مرفوعًا عند البزار في "مسنده" [رقم ٢٤١٢]، لكن سنده غير محفوظ. وله شاهد ثالث مرسل من رواية الحسن البصرى عند ابن أبى شيبة [٢٥٠٠٤]، وشاهد رابع معضل من رواية إبراهيم بن محمد بن سعد بن أبى وقاص عند ابن سعد في "الطبقات" [١/ ٤٤٠]، والحديث عندى حسن بشواهده كما بسطنا ذلك في كتابنا "غرس الأشجار بتخريج منتقى الأخبار" أعاننا الله عليه. =