والثانى: أما كون المبارك بن فضالة يدلس ويسوى، فنسلم بتدليسه مطلقًا، فقد وصفه جماعة بذلك؛ أما كونه يدلس التسوية خاصة، فهذا لم أجده منصوصًا عليه في ترجمته من بطون الدفاتر، ولا أعلم أحدًا وصفه بذلك قبل الحافظ ابن حجر، وعنه أخذ الإمام، فقد قال الحافظ في "التقريب" عن المبارك: "صدوق يدلس ويسوى". وقد تطلق التسوية في لسان جماعة من النقاد - لاسيما المتقدمين - يريدون بها مطلق التدليس؛ لأن المدلس يسوى الإسناد بإسقاطه شيخه الضعيف، فيصير ظاهره السلامة، مستويًا ثقة عن ثقة، ولعل هذا هو ما يقصده الحافظ بعبارته الماضية؛ فان صح أن هذا هو مراد الحافظ؛ فقد كان ينبغى عليه حذف كلمة: (ويسوى) حتى لا يفهم منها المقرر من مدلولها عند المتأخرين. وقد يكون الحافظ قد اطلع على مقولة لأحد النقاد في مبارك بن فضالة يرميه فيها بتدليس التسوية صريحًا، أو فهم الحافظ ذلك من تصرف هذا الناقد في كلامه، فلو ثبت هذا؛ فلم يكن المبارك مشهورًا به أصلًا، بل المشهور به هو تدليس الإسناد وحسب، وقد قال عنه أبو زرعة: "يدلس كثيرًا؛ فإذا قال: (حدثنا) فهو ثقة" وقال أبو داود: "كان شديد التدليس؛ إذا قال: حدثنا فهو ثبت .. " وقال ابن مهدى: "كنا نتبع من حديث المبارك ما قال فيه: حدثنا الحسن" وكل هذا لا يمكن حمله إلا على تدليس الإسناد خاصة؛ وقد صرح المبارك بسماعه من الحسن هذا الحديث عند المؤلف وعنه ابن حبان واللالكائى وأبو نعيم والبيهقى وابن عساكر والآجرى في الموضع الأول؛ والمخلص وغيرهم؛ فزالت شبهة تدليسه، فلتقر عين الإمام الألبانى بذلك. ثم لو لم يصرح أيضًا بالسماع؛ فهو مكثر جدًّا عن الحسن البصرى؛ فلا ترد عنعنته عنه؛ كما هو الحال في المدلس المكثر عن شيخ له في الرواية؛ نعم كان ابن مهدى وغيره؛ لشدة تدليس المبارك؛ لا يقبلون منه في حديث الحسن إلا ما قال: "حدثنا" و"سمعت" ثم هو نفسه =