وخالفهم جميعًا: محمد بن بشر العبدى - وهو ثقة حافظ - فرواه عن مسعر فقال: عن قتادة عن أنس به ... كما مضى عند المؤلف وجماعة، فقال الطبراني في "الأوسط" عقب رواية من هذا الطريق: "لم يرو هذا الحديث عن مسعر عن قتادة إلا عبد الله بن عون، تفرد به محمد بن بشر". قلتُ: ويؤيد انفراد محمد بن بشر به عن قتادة: قول الحافظ في "الفتح" [٣/ ١٥]، بعد أن ذكره من رواية الجماعة عن مسعر عن زياد بن علاقة عن المغيرة بن شعبة به ... قال: "هكذا رواه الحفاظ من أصحاب مسعر عنه؛ وخالفهم محمد بن بشر وحده، فرواه عن مسعر عن قتادة عن أنس، أخرجه البزار وقال: الصواب عن مسعر عن زياد". فيكون محمد بن بشر قد وهم في سنده على مسعر، لكن هذا القول قد أغضب حسينًا الأسد في "تعليقه على مسند المؤلف" [٥/ ٢٨١]، فتعقب ما نقلناه عن الحافظ آنفًا وقال: "نقول: إن هذا ليس بعلة يعل بها هذا الطريق، أو، محمد بن بشر العبدى ثقة حافظ، والذى يؤيد ما نقول ... ". ثم ذكر حكاية تدل على مزيد حفظ محمد بن بشر لأحاديث مسعر، ولكن كان ماذا؟! ومن قال بأن محمد بن بشر قد عُصِمَ من الخطأ والوهم؟! نعم: الرجل إمام حافظ ثقة مأمون، ولكن ما علاقة هذا بكونه وهِمَ في هذا الحديث، ومن رام ثقة لا يخطئ أو يُشَبَّه عليه؛ فقد رام المستحيل. هذا مالك وشعبة والثورى، لا يلحقهم محمد بن بشر في شئ أصلًا، وهم من هم في الرتبة العُليا من الحفظ والإتقان في رواية الأخبار؛ ومع ذلك فلن تعدم لهم أخطاء في بعض أحاديثهم قد بينها لنا أئمة هذا الشأن؛ فمن يريد الربط بين استحالة الخطأ وثقة الراوى، فقد عقد بين الماء والنار، وأنَّى يتم له ذلك؟! =