قلتُ: يعنى هذا الحديث، وأراه كما قال إن شاء الله؛ فإن الحديث وإن كان له شواهد، إلا أنها دون هذا السياق جميعًا، وفيه حروف لم أجدها في سياق غيره، وقد مشى جماعة على ظاهر إسناده وصححوه، فقال الحاكم عقب روايته: (هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه) ومثله قال ألعراقى في تخريج "الإحياء" [٤/ ٣٩]، وهو وهم منهما؛ لأن مسلمًا لم يحتج برواية أبى سفيان عن أنس؛ أما احتجاجه برجال الإسناد؛ فذاك شئ آخر. وكذا صحح إسناده الحافظ في "الفتح" [٧/ ١٦٩]، وأقره المناوى في الفيض [٥/ ٢٧٨]، وقد عرفت ما فيه، وأجود من هذا قول الهيثمى في "المجمع" [٦/ ١٢]: (رواه أبو يعلى والبزار ... ورجاله رجال الصحيح). وهذا لا يلزم منه الصحة كما هو معلوم؛ وقد رأيت البخارى علقه في كتابه خلق أفعال العباد [ص ٧٥]، فقال: "وقال الأعمش عن أبى سفيان عن أنس ... " وذكر كلمة أبى بكر فقط، فربما كان عند البخارى من غير طريقه هنا عن الأعمش، غير أننا لسنا ممن يجيد التخرص في مثل هذه الأمور الغائبة، فحسبنا ما وقعت عليه أبصارنا، فلينظر: هل ورد هذا الحديث عن الأعمش من غير هذا الطريق؟! فإن وجد، فلينظر في سنده. وقال الحافظ في "المطالب" [رقم ٣٩٧٩]، بعد أن عزاه للمؤلف وابن أبى شيبة: "صحيح، أخرجه الحاكم من طريق ابن نمير به، واختاره الضياء، وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص في البخارى". قلتُ: وهو شاهد قاصر، ليس فيه بعض ألفاظ انفرد بها حديث أنس، فليعلم هذا. والله المستعان. • تنبيه: قد سقط: "الأعمش" من سند المؤلف في الطبعتين!!