ويؤيد هذا: قول قيس بن حفص بعد أن روى الحديث عن معتمر عن بيان أبى سعيد الرقاشى عن أنس به ... عند البخارى في "تاريخه" - قال: "وروى شعبة عن هذا - يعنى عن بيان - فغيَّر اسمه" لكن خالف أبو داود في هذا، وجزم كما في "سؤالات الآجرى" [رقم ١١٧٥]، بكون أبى صدقة الذي يحدث عنه شعبة بحديث المواقيت اسمه: سليمان بن كندير، وخالفه في هذا آخرون، وجزموا بكون سليمان بن كندير وإن كان يروى عنه شعبة وكنيته (أبو صدقة) أيضًا؛ فإنه لا يروى عن أنس، إنما يروى عن ابن عمر وحده، وهذا هو الذي صوَّبه الحافظ في ترجمة (سليمان بن كندير) من "التهذيب" [٤/ ٢١٦]، وغلَّط أبا داود، وأبو صدقة الذي ذكر جماعة أنه يروى عن أنس وعنه شعبة: قد سماه مسلم وغير واحد بـ (توبة البصرى) وفى ترجمته: ذكر المزى وابن حجر وغيرهما هذا الحديث من روايته عن أنس عند النسائي. لكن يُعكِّر عليهم ما نقله البخارى عن قيس بن حفص كما مضى، وكذا ما قاله أبو حاتم في ترجمة بيان الرقاشى في "الجرح والتعديل" وقد مضى أيضًا، وفى تحرير هذا الإشكال كلام لعلنا نستوفيه في "غرس الأشجار" والذى ينهض عندنا الآن: هو ما قاله قيس بن حفص؛ وأيَّده كلام أبى حاتم، من كون صاحب هذا الحديث هو بيان بن جندب أبو سعيد الرقاشى كما سماه معتمر بن سليمان في روايته عنه هذا الحديث؛ وهو الذي رواه عنه شعبة أيضًا؛ إلا أنه ربما يكون قد وهم في كنيته وسماه (أبا صدقة)، أو لعل بيانا له كنيتان كما قلناه سابقًا؛ فإن صحَّ الاحتمال الثاني؛ فهو شخص آخر غير (توبة أبى صدقة) الذي يروى عن أنس وعنه شعبة أيضًا، ويكون قد أغفل في "التهذيب وذيوله"، وبيان بن جندب هذا قد ترجمه ابن حبان في "الثقات" [٤/ ٧٩]، وقال: "روى عنه شعبة، ومعتمر بن سليمان، يخطئ". قلتُ: فوصْف ابن حبان له بالخطأ؛ قرينة صادقة على كونه قد عرفه وسبر حديثه، فيكون توثيقه مقبولًا إن شاء الله؛ ويقويه رواية شعبة عنه؛ بل وقع عند أحمد في الموضع الثاني من روايته هذا الحديث [٣/ ١٦٩]، أن شعبة قد أثنى عليه خيرًا! وللحديث شواهد عن جماعة من الصحابة به نحوه مع اختلاف يسير في ألفاظه، واللَّه المستعان. =