قلتُ: وحاتم هذا ذكره الحسينى في "الإكمال" وقال: "فيه نظر" وتعقبه الحافظ في "التعجيل" [ص ٧٥]، بكون الخطيب قد ترجمه في "تاريخه" [٨/ ٢٤٥]، وقال عنه: "وكان ثقة ثبتًا متقنًا حافظًا" وكذا ذكره ابن حبان في "الثقات" [٨/ ٢١١]، وقال: "كان ممن صنف وجمع التاريخ" فكأن الحسينى لم يعرفه، أو اشتبه عليه بغيره. وقد قال الدارقطنى عقب روايته: "تفرد به عيسى بن عمر عن السدى". قلتُ: وهذا إسناد ظاهره الصحة، رجاله كلهم ثقات مشاهير، سوى السدى إسماعيل بن عبد الرحمن، فهو مختلف فيه، وبه أعل ابن الجوزى هذا الطريق في "المتناهية" [١/ ٢٣٠]، فقال: "هذا حديث لا يصح؛ لأن إسماعيل السدى قد ضعفه عبد الرحمن بن مهدى ويحيى بن معين". قلتُ: والتحقيق: أن إسماعيل السدى صدوق صالح متماسك عالم فقيه، وقد حكى الترمذى في جامعه [٥/ ٦٣٦]، عقب روايته هذا الحديث: توثيقه عن شعبة والثورى وزائدة ويحيى القطان، وقد احتج به مسلم في "صحيحه" ولم يستشهد به كما زعم البعض، والكلام الذي فيه لا ينزله عن رتبة الصدوق، وقد قال الذهبى في "الكاشف" [١/ ٢٤٧]: "حسن الحديث" وقريب منه قول الحافظ في التقريب: (صدوق يهم) وقد رماه بعض أصحابنا بالرفض، ولم يصح ذلك عنه كما بسطناه في غير هذا المكان؛ إنما كان يتشيع وحسب. أما قول الجوزجانى عنه (كذاب شتام) فهذا مما سيسأله الله عنه يوم النشور، وانحراف أبى إسحاق السعدى عن الكوفيين معروف مشهور، وكان لشدة ميله إلى مذهب أهل الشام في النصب، تراه إذا ما وقع بشيعى؛ لا يبقى ولا يذر، وقد شرحنا غوائل جرحه وتعنته في "المحارب الكفيل". فالحق: أن السدى برئ من عهدة هذا الحديث، وقد مضى أن البخارى لما سئل عن هذا الحديث: أنكره من حديث السدى عن أنس، بل وجعل يتعجب منه، كما نقله عنه الترمذى في "علله" وتابعه تلميذه أبو عيسى على إنكاره من حديث السدى، فقال عقب روايته في =