فإن قيل: قد توبع الحارث بن زياد عليه؛ تابعه أبو هدبة إبراهيم بن هدبة عن أنس به نحوه ... وزاد: (مفتنات الأحياء، مؤذيات الأموات) أخرجه الخطيب في "تاريخه" [٦/ ٢٠٠]، ومن طريقه ابن الجوزى في "المتناهية" [٢/ ٩٠٢]، بإسناد صحيح إليه .. قلنا: قد قال ابن الجوزى: "هذا حديث لا يصح، وفيه أبو هدبة، وقد أجمعوا على أنه كذاب". فإن قيل: مهلًا مهلًا، فلم ينفرد به أبو هدبة، بل تابعه عليه مورق العجلى - الثقة العابد - عن أنس قال: (أبصر النبي - صلى الله عليه وسلم - نسوة مع جنازة فقال لهن: أتحملن؟! أتدفنَّ؟! أتحثينَ؟! ارجعن مأزورات غير مأجورات) أخرجه أبو بكر ابن ثابت في "تاريخ مدينة السلام" [٩/ ١٠٢]، بإسناد قوى إلى عمرو بن النضر الكوفى عن إبراهيم بن هراسة عن الثورى عن عاصم الأحول عن مورق به ... قلتُ: وهذا باطل أيضًا من حديث الثورى موصولًا، وعمرو بن النضر لم أفطن له، وليس هو المترجم في "اللسان"؛ لتقدمه على جهالته هو الآخر، وشيخه ابن هراسة قد هرسه النقاد حتى صار عجينًا، فأطلق أبو داود والعجلى فيه الكذب، وأسقطه سائر النقاد، وهو من رجال اللسان [١/ ١٢١]، وقد خولف فيه، خالفه عبد الرزاق - وهو أوثق منه ملء الأرض - فرواه عن الثورى عن رجل عن مورق العجلى به نحوه مرسلًا، هكذا أخرجه عبد الرزاق [٦٢٩٨]. وهذا هو المحفوظ عن سفيان، وهو على إرساله؛ ففيه رجل لم يُسَمَّ، ولعله من ضعفاء مشيخة الثورى، وللحديث شواهد أخرى تالفة، قد استوفينا الكلام عليها في "غرس الأشجار" وبينا هناك نكارتها إسنادًا ومتنًا، واللَّه المستعان. • تنبيه: محمد بن حمران مختلف، وهو عندى حسن الحديث؛ فلهذا لم أشر إليها سابقًا.