للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= لا يزيد من حاله إلا وهنًا، ثم إن الليث بن أبى سليم: شهرته بالضعف وسوء الحفظ قد ملأت الآفاق، بل اختلط شديدًا أيضًا، وهو المضطرب في هذا الحديث وقفًا ورفعًا وغير ذلك على ما مضى بيانه، وقد رواه عنه الثورى هذا الحديث فقال: عن الليث عن مجاهد به موقوفًا عليه، ليس فيه (بشر) ولا (أنس)، فنزل به نزولًا لا نهضة بعده.
هكذا أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" [٢/ ٣٥١]، والطبرانى في "الدعاء" [رقم ١٤٩٦]، ومن طريقه الحافظ في "التغليق" [١/ ٢٢]، وعبد الله بن أحمد في "العلل" [٢/ ٥٨٦]، والطبرى في "تفسيره" [٧/ ٥٤٧]، من طرق عن الثورى به ....
وهذا الوجه المقطوع، هو الذي رجحه الحافظ على كل الوجوه الماضية، فقال في "التغليق" [١/ ٢٤]: (والصواب فيه - يعنى في هذا الحديث: عن ليث - يعنى ابن أبى سليم - ما قاله الثورى؛ لأن ليثًا وهو ابن أبى سليم: اختلط في آخر عمره؛ ونسب إلى الضعف؛ فأما من سمع منه قبل الاختلاط فسماعه صحيح).
قلتُ: يقصد بالصحة: الاستقامة في روايته؛ وعدم الخلط فيها، ولا يعنى بها الصحة الاصطلاحية؛ لكون الليث كان ضعيف الحفظ مطلقًا، سواء قبل اختلاطه وبعده، مثله مثل ابن لهيعة، إلا أن الاختلاط لما داهمه في آخر عمره جعله لا يدرى ما يقول، فكثرت المناكير في حديثه؛ مع اضطراب شديد في الأسانيد والمتون، وقد تركه بعض النقاد لذلك، فراجع ترجمته من "التهذيب وذيوله"؛ فالحديث لا يصح مرفوعًا ولا موقوفًا ولا مقطوعًا ولا مشنوقًا.
[استدراك]: قد مضى أن (بشرًا) الذي روى عنه الليث هذا الحديث: ما هو إلا رجل لا يعرف من هو من أهل الدنيا، وقد مضى تجهيل الحافظ له؛ وقال الذهبى في "الكاشف" [١/ ١٥٨]: "لا شئ" وصدق، وقال أيضًا في "الميزان" [١/ ٣٢٧]: "لا يعرف" فتعقبه العلامة العلاء مغلطاى في "إكماله" [٢/ ١٩]، كما في هامش تهذيب الكمال [٤/ ١٦٢/ طبعة الرسالة] فقال: "وقول من قال من المتأخرين: "لا يعرف" قصور منه كعادته".
كذا قال، وهو مغرم بالتنكيت على مشايخه وأساتذته وأقرانه، كل ذلك بحق وبباطل، والذى أصاب فيه من ذلك قليل، وهو لم يعتمد في معرفة (بشر) إلا على ذكر ابن حبان له في "الثقات"، مع أن كلام ابن حبان في ترجمته لا يفهم منه إلا جهالة بشر ولا بد، فماذا تعلَّق به مغلطاى دون ذلك؟! نسأل الله الإنصاف ونهج الرشاد. =

<<  <  ج: ص:  >  >>