للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وهو الصواب؛ فالحديث من (مسند أنس) دون (ابن عمر) وللفقرة الأخيرة منه طريق آخر: عن ابن عمر به ... مضى عند المؤلف [برقم ٢٢٨]، وهى فقرة ثابتة، وللحديث كله شواهد عن جماعة من الصحابة به ... هكذا مجموعًا، وأنظفها حديث أنس بن مالك ... وله عنه طريقان:
الأول: طريق أبى قلابة عنه به ... عند الترمذى، وابن ماجه، وابن حبان، والحاكم، وأحمد، والنسائى في "الكبرى" وجماعة كثيرة.
وظاهره الصحة جزمًا! إلا أنه معلول، فقد جزم غير واحد من الحفاظ بكون الحديث كله من مرسل أبى قلابة، ليس فيه أنس، اللَّهم إلا الفقرة الأخيرة منه فقط، وهى التى أخرجها البخارى في "صحيحه" [٣٥٣٤]، من طريق أبى قلابة حدثنى أنس بن مالك به ... وما عداها، فلم يسمعه أبو قلابة من أنس أصلًا، وقد بين ذلك الخطيب البغدادى بيانًا شافيًا في كتابه الفذ: "الفصل للوصل المدرج في النقل" [٢/ ٦٧٦ - ٦٨٧]، وقال في ختام كلامه: "فأما حديث أبى قلابة: فالصحيح منه المسند المتصل: ذكر أبى عبيدة - يعنى الفقرة الأخيرة - حسب، وما سوى ذلك مرسل غير متصل .. " وقد سبقه إلى ذلك الحاكم والدارقطنى وغيرهما ...
واستغرب ذلك الإمام في "الصحيحة" [رقم ١٢٢٤]، ومشى هو وغيره على ظاهر الإسناد الموصول، وصححوا الحديث من هذا الطريق، ولم يفعلوا شيثًا، كما بينا ذلك في غير هذا المكان.
والثانى: طريق معمر عن قتادة عن أنس به ... عند الترمذى وجماعة؛ وسنده لا يثبت عن معمر أصلًا، والمحفوظ عنه: أنه يرويه عن قتادة به مرسلًا، ليس فيه أنس، كما بَيَّن ذلك الخطيب في "الفصل للوصل" [٢/ ٦٨٦ - ٦٨٧]، فراجعه ثمة.
• فالحاصل: أن أنظف طرق هذا الحديث: المحفوظ فيها هو الإرسال للحديث كله عدا الفقرة الأخيرة منه وحسب؛ أما باقى طرق الحديث وشواهده: فكلها معلولة لا يثبت منها شئ، وَضَعْفُها غير مُنْجبرٍ على التحقيق، ومَنْ صحَّحه أو حَسَّنه كله أو أكثره بشواهده وطرقه؛ فقد تساهل البتة، والمرسل فيه أقوى من الموصول، وهو الأشبه أن يكون أصل الحديث، ثم وهم الواهمون ورفعوه إلى هذا وذاك، والله المستعان.

<<  <  ج: ص:  >  >>