قلتُ: وهو شيخ مختلف فيه، وثقه ابن معين وحده، ومشاه أحمد وأبو الوليد الطيالسى والدارقطنى؛ لكن قال البخارى: "فيه نظر" وقال أبو حاتم: "ليس بقوى؛ ينكر عن الثقات" وقال ابن حبان: "يخطئ كثيرًا حتى خرج عن حد الاحتجاج به إذا انفرد". قلتُ: فمثله وإن جاز حديثه في الجملة؛ فلا يحتمل منه التفرد عن مشاهير الثقات؛ بما لا يتابعه عليه الأثبات، لاسيما وقد كان حرب: "ينكر عن الثقات" كما قال أبو حاتم؛ وأيوب السختيانى حافظ إمام كبير؛ مكثر حديثا وأصحابًا؛ فلا يقبل من حرب ما يتفرد به عن مثل هذا الإمام أصلًا. وحديثه هذا: أنكره عليه ابن عدى، وساقه في ترجمته من "الكامل" ثم قال في ختامها: "ولحرب بن سريج أحاديث غير ما ذكرت، وليس هو بكثير الحديث، وكأن حديثه غرائب وإفرادات، وأرجو أنه لا بأس به ... " فحديثه هذا من غرائبه ولا بد، وغرائب مثله مردودة عندهم، فتصحيح السيوطى لسنده في "الدر المنثور" [٢/ ٥٥٧]، فمن قبيل تساهله المعروف، ومثله تجويد الهيثمى لسنده في "المجمع" [١٠/ ٣٥٢]، بعد أن عزاه للبزار وحده، وقال في موضع آخر [٧/ ٦٠]: (رواه أبو يعلى، ورجاله رجال "الصحيح" غير حرب بن سريج، وهو ثقة)، كذا أطلق توثيقه، على عادته في الرواة المختلف فيهم، فَيُقدِّم التعديل على التجريح أبدًا، دون ميزان أصلًا، نعم: رأيته قال في موضع آخر [١٠/ ٦٨٧]: "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه حرب بن سريج، وقد وثقه غير واحد، وفيه ضعف، وبقية رجاله رجال الصحيح" وهذا أقرب إلى الصواب مع ما فيه من النظر أيضًا، وأغلاط الهيثمى في "المجمع" ربما ضاق بها الصدر. فإن قيل: قد توبع عليه حرب عن أيوب، تابعه صالح بن بشير المرى عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: (كنا لا نشك فيمن أوجب الله له النار في كتاب الله حتى نزلت علينا هذه الآية: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: ٤٨]، فلما سمعناها كففنا عن الشهادة، وأرجينا الأمور إلى الله) أخرجه ابن أبى حاتم في "تفسيره" [٣/ رقم ٥٤٢١/ طبعة المكتبة العصرية] بإسناد صحيح إليه به. =