قلتُ: وقد تابعه ابنه إسرائيل على سنده؛ إلا أنه خالفه في بعض متنه، فلم يذكر فيه عرض الأعرابى ابنته على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (رجاء أن يتزوجها)، أخرجه أحمد [١/ ٢١٣]، وابن خزيمة [٢٨٣٢]، والبزار في "مسنده" [٦/ رقم ٢١٤٣]، والطبراني في "الكبير" [١٨/ رقم ٧٣٩]، وغيرهم من طرق عن إسرائيل به. قلتُ: وهو من هذا الطريق في "تاريخ ابن أبي خيثمة" [رقم ٢٦١٥/ طبعة مكتبة الفاروق]، حدثنا خلف بن الوليد قال: حدثنا إسرائيل به ... وزادوا في أوله من قول الفضل: (حين أفاض من المزدلفة ... ) وليست هذه الزيادة عند الطبراني. قال البزار: "ولا نعلم روى أبو إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن الفضل إلا هذا الإسناد". قلت: وهذا إسناد ضعيف أيضًا، إسرائيل مما سمع من جده بآخرة أيضًا، كما نص عليه الإمام أحمد وابن معين وغيرهما؛ وأشار إليه يحيى القطان أيضًا، ولا ينافى هذا كون إسرائيل كان من أعلم الناس بحديث جده أبي إسحاق وأحسنهم لسياقه؛ حتى كان الذهبي يلقبه بـ (عكاز جده) كما في ترجمته من "سير النبلاء" [٧/ ٣٥٩]. ثم إن أبا إسحاق لم يذكر سماعه فيه من سعيد بن جبير، وقد مضى أن أبا إسحاق كان إمامًا في التدليس، مكثرًا منه؛ بحيث لا يقبل منه إلا ما قال فيه: (حدثنا) و: (أخبرنا) كما نص عليه غير واحد من الأئمة المتقدمين كابن إدريس وأبي جعفر الطبري وجماعة قد سردنا أسماءهم في مكان آخر؛ ردًا على من أنكر هذا من أبناء العصر. وقد صح الحديث من طرق أخرى ثابتة عن ابن عباس به نحوه ... دون قوله: (فجعل يعرضها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجاء أن يتزوجها) فهى زيادة منكرة كما عرفت؛ وقد شرحنا ذلك شرحًا مستوفيًا في "غرس الأشجار" وقبلنا الإمام في "الضعيفة" [رقم ٥٣٢٥، ٥٩٥٩]، والرد المفحم [ص ٥٨ - ٦١]، واللَّه المستعان.=