والحديث: أورده الهيثمي في موضعين من "المجمع" [١٠/ ٣٣٥، ٤٨٢]، وعزاه في الموضع الثاني إلى المؤلف والطبراني؛ وقال في الموضع الأول: "رواه البزار من رواية طارق عن عمرو بن مالك، وطارق: ذكره ابن أبي حاتم ولم يوثقه، ولم يجرحه، وبقية رجاله ثقات". قلتُ: هو كما قال؛ غير أن الجراح بن مليح: فيه مقال معروف، وهو صدوق متماسك إن شاء الله. ولو وقف الهيثمي على (طارق) هذا في "ثقات ابن حبان" لما تردد في توثيقه هو الآخر، فقد كان أتبع لابن حبان من ظله في توثيق هذا الطراز من الأغمار والمجاهيل. وقد اختلف في سند هذا الحديث على وكيع بن الجراح، فرواه عنه عثمان بن أبي شيبة، وإبراهيم بن زياد الصائغ كلاهما عنه على الوجه الماضي به ... وخالفهما سفيان بن وكيع بن الجراح، فرواه عن أبيه عن جده فقال: عن طارق بن علقمة عن عمرو بن مالك الرؤاسي عن أبيه به نحوه في سياق أتم، ونقل الحديث إلى: (مسند مالك الرؤاسي) بدل ولده (عمرو بن مالك). هكذا أخرجه أبو نعيم في "المعرفة" [٥/ رقم ٦٠٠٤/ طبعة الوطن]، من طرق عن سفيان بن وكيع به. قلتُ: وهذه مخالفة ساقطة، وسفيان لا يحتج به عندهم، وبه أعل الحافظ تلك المخالفة في "الإصابة" [٤/ ٦٧٦]، فنقل عن أبي موسى المديني الحافظ أنه قال: (رواه - يعنى هذا الحديث - غير واحد هكذا عن وكيع؛ وخالفهم: سفيان بن وكيع، فرواه عن أبيه عن جده عن طارق عن عمرو بن مالك عن أبيه ... ). قال الحافظ: "قلتُ: سفيان بن وكيع: ضعيف في أبيه وغيره، وقد خبط في السند، فزاد فيه: "عن جده" وزاد بعده: "عن أبيه " ... ". قلتُ: ما خبط سفيان إلا في الزيادة الثانية وحدها، أما الزيادة الأولى، فليست بزيادة أصلًا، فلعل الحافظ ظن أن الضمير في قول سفيان: (عن جده) عائد على (وكيع بن الجراح) ويكون المراد بجده هو (مليحًا الرؤاسي) وليس بشيء، إنما الضمير عائد على سفيان نفسه؛ وجده: هو (الجراح بن مليح) وهو راوى هذا الحديث عن طارق كما عرفت سابقًا. =