قلتُ: وجزم الحافظ ابن عساكر بكون أسود قد أخطأ فيه على إسرائيل، كما نقله عنه المزي في "التحفة" [٢/ ٥/ رقم ١٧٣٨]، وأسود ثقة صدوق ما فيه خدشة. والأشبه عندي: أن يكون سماك بن حرب قد اضطرب في سنده على كل تلك الألوان الماضية، فهو وإن وثقه جماعة؛ إلا أنه تغير بآخرة حتى صار يتلقن، وقد شرحنا حاله شرحًا دقيقًا في تعليقنا على الحديث الماضي [برقم ٢٣٣٢]، وكذا في رسالتنا: "فصل المقال ببيان أحدوثة الأوعال" ولم يرو عنه هذا الحديث: أحد ممن سمع منه قديمًا، اللَّهم إلا أن يكون شعبة؛ لو صح أنه رواه كما زعم صاحب "الحلية" وقد توبع سماك على الوجه الأول كما يأتي. ثم جاء الإمام الألباني في "الصحيحة" [رقم ٤٠٩]، وساق رواية سماك الماضية عن النعمان بن بشير عند النسائي والبزار، ثم قال: "وسنده صحيح، رجاله رجال الصحيح". قلتُ: وهذه غفلة منه عن حال سماك بن حرب، كما هي غفلة عن الاختلاف عليه في سنده، وإن شئت فقل: هو غفلة عن اضطراب سماك فيه، ولو صح أن يكون شيء محفوظًا عنه في هذا الحديث؛ لكان هو الوجه الأول؛ لكون شعبة قد رواه عنه فيما زعمه أبو نعيم الأصبهان؛ وكذا لكون سماك قد توبع على هذا الوجه عن النعمان بن سالم، تابعه: أبو بسطام شعبة بن الحجاج عن النعمان قال: سمعت أوسًا يقول ... وساق الحديث به نحوه. أخرجه أحمد [٤/ ٨]، والدارمي [٢٤٤٦]، والطيالسي [١١١٠]، والطبراني في "الكبير" [١/ رقم ٥٩٢]، والنسائي [٣٩٨٢]، وابن قانع في "المعجم" [١/ ٢٩]، وغيرهم من طرق عن شعبة به. قلتُ: وهذا إسناد صحيح مستقيم؛ رجاله ثقات أثبات مشاهير؛ لكن خولف شعبة وسماك فيه، خالفهما حاتم بن أبي صغيرة البصري الثقة الصدوق، فرواه عن النعمان فقال: عن عمرو بن أوس بن أبي أوس عن أبيه به نحوه ... ، فزاد فيه (عمرو بن أوس) بين النعمان وأوس. هكذا أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" [٣٣١٠١]، وعنه ابن ماجه [٣٩٢٩]، حدثنا عبد الله بن بكر السهمي عن حاتم به. =