قلتُ: هذا إسناد ضعيف ومتن منكر، فيه ثلاث علل على التوالى: الأولى: أم هنيدة بن خالد: زعم الحافظ في "التقريب" أنها صحابية، ولم يسبق إلى هذه الدعوى أصلًا، كأنه فهم ذلك من كونها كانت تحت عمر بن الخطاب كما ذكره ابن حبان في ترجمة ابنها هنيدة من "الثقات" [٥/ ٥١٥]، وليس ذلك بلازم؛ ولعله فهم ذلك من كون هنيدة معدودًا من الصحابة عند بعضهم؛ فيبعد أن تدركه الصحبة دون أمه وهى أكبر منه، لكن هذا مدفوع بكون هنيدة غير متفق على صحبته بين القوم، بل حكى أبو نعيم الاختلاف فيها، كما نقله عنه الحافظ في "الإصابة" [٦/ ٥٥٩]، ولم يثبتها له أحد من المتقدمين سوى ابن حبان وحده مع اختلاف في قوله في هذا، فتارة قال: "له صحبة" وتارة ذكره في ثقات التابعين، وليس فيما رواه من أخبار: ما يدل على صحبته. والأقرب أنه لا صحبة له، وبهذا جزم العلائى في جامع التحصيل [ص ٢٩٥]، لكن روى عنه جماعة من الثقات الكبار، فمثله صالح الحديث إن شاء الله؛ وقد مضى أن ابن حبان قد ذكره في "الثقات" أيضًا؛ وبهذا: تضعف مظنة أن تكون لأمه صحبة، ويؤيد عدم صحبتها: أن أحدًا ممن ألف في (الصحابة) لم يذكرها أصلًا. • فالحاصل: أنها امرأة مجهولة الحال، وهذه هي العلة الأولى. والثانية: الحسن بن عبيد الله النخعى: وإن كان قد أخرج له الجماعة إلا البخارى؛ ووثقه طائفة من النقاد؛ لكن نقل الحافظ في "التهذيب" عن البخارى أنه قال: "لم أخرج حديث الحسن بن عبيد الله؛ لأن عامة حديثه مضطرب". قلتُ: وقد اختلف عليه في سند الحديث كما يأتى؛ وكذا في ضبط متنه أيضًا، ولم يتابع على ذكر الأمر بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، بل الأمر فيها: منكر جدًّا، وقد خولف في متنه كما يأتى. والثالثة: قد اختلف في سنده على الحسن النخعى، فرواه عنه محمد بن فضيل على اللون الماضى؛ وخالفه عبد الرحيم بن سليمان الكنانى الثقة الحافظ، فرواه عن الحسن فقال: عن الحر بن الصباح عن هنيدة الخزاعى عن امرأته عن أم سلمة مرفوعًا: (ضمن كل شهر ثلاثة أيام، أو من الشهر: الإثنين، والخميس، والخميس الذي يليه)، فزاد فيه واسطة بين الحسن وهنيدة، وأسقط منه قوله: (عن أمه) وأبدله بقوله: (عن امرأته). =