للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح ... "، وقال ابن مفلح في الآداب الشرعية [٢/ ٤١/ طبعة شعيب الأرنؤوط]، بعد أن ساقه من طريق الأعمش قال: "إسناده جيد".
قلتُ: مداره على أبي محمد الأعمش؛ وهو إمام في التدليس، ولم يذكر فيه سماعًا، وليس شيخه في هذا الحديث: ممن أكثر عنهم وعُرف بملازمتهم من مشيخته: كإبراهيم النخعي وأبي صالح السمان وأبي وائل وأضرابهم؛ فإن روايته عن هذا الضرب: "محمولة على الاتصال"، كما قال الذهبي في ترجمته من "الميزان"، وقبل ذلك قال في صدر ترجمته: "يُدلس، وربما دلس عن ضعيف ولا يدرى به! فمتى قال: "حدثنا" فلا كلام، ومتى قال: "عن" تطرَّق إليه احتمال التدليس".
قلتُ: وهناك من لا يزال يُصر على وضف الأعمش بقلة التدليس، كأنه ما وقف على قول مغيرة بن مقسم: "ما أفسد حديث أهل الكوفة: إلا أبو إسحاق والأعمش"، كما أخرجه عنه الإمام أحمد في "العلل" [١/ ٤٤٢/ رواية عبد الله]، وقد نقل الحافظ: قول المغيرة هذا في ترجمة أبي إسحاق السبيعي من "التهذيب" [٨/ ٥٨]، ثم قال: "يعني للتدليس"، وقد تصحف هناك "المغيرة" إلى"معن"، وليس بشيء.
• والحاصل: أن الأعمش مكثر من التدليس على التحقيق؛ ولا يكفى في غير روايته عمن أكثر عنهم وعُرف بملازمتهم: إلا تصريحه بالسماع ممن روى عنهم؛ ولم يفعل ذلك هنا.
• وقد أعلَّ إسناد الحديث بعلل أخرى لا تثبت إن شاء الله:
١ - منها: جهالة (سعيد بن عبد الله بن جريج)، وقد أجاب ابن مفلح عن تلك العلة في "الآداب الشرعية" [٢/ ٤١/ طبعة الأرنؤوط] بقوله: "وسعيد روى عنه غير واحد، ووثقه ابن حبان، ولا وجه لقول أبي حاتم: "مجهول"، وروي حديثه هذا الترمذي، وقال: حسن صحيح ... ".
قلتُ: فحاصل هذا: أن تجهيل أبي حاتم الرازي لهذا الشيخ: مدفوع بكونه قد روى عنه جماعة من الثقات وغيرهم، مع تصحيح الترمذي لحديثه، وذكْر ابن حبان له في (الثقات).
فالصواب: أن الرجل شيخ صدوق يحتج به إن شاء الله، وبذلكَ جزم الحافظ في ترجمته من "التقريب" بكونه (صدوقًا) إلا أنه زاد: (ربما وهم)، وتلك زيادة لا معنى لها، ولا له فيها سلف نعرفه أصلًا، وليس في ترجمة الرجل من بُطون الدفاتر: ما يدل عليها، ولم يُغمز الرجل - فيما نعلم - بشيء إلا ما نطق به أبو حاتم الرازي وحده. =

<<  <  ج: ص:  >  >>