للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أصل الرسالة كما في حديث أنس في الصحيحين وغيرهما. وقوله: (في اليوم والليلة) أي تصليهما في اليوم والليلة، وقوله: (هل عليّ غيرهن) (هل) حرف استفهام وتقدم الكلام عليه، وهو لا يعمل لأنه غير مختص، (وعليَّ) بمعنى يجب عليَّ غيرهن، وقوله: (إلا أن تطّوع) قال النووي: (المشهور فيه تطوَّع؛ بتشديد الطاء على إدغام إحدى التاءين في الطاء، وقال ابن الصلاح: هو محتمل للتشديد والتخفيف) اهـ. قلت: التشديد إدغام التاء في الطاء على ما تقدم، والتخفيف بحذف إحدى التاءين، فإن مثل هذا من الفعل المضارع المبدوء بالتاء إذا دخلت تاء المضارعة جاز فيه ثلاثة أوجه: الوجهان المذكوران والثالث إثبات التاءين على الأصل، ولحذف إحدى التاءين أشار ابن مالك -رحمه الله- بقوله:

وما بتاءين ابتدى قد يقتصر ... فيه على تا كتبين العبر

والإستثناء يحتمل أن يكون متصلًا، واستدل به من جعله مثلًا على وجوب إتمام التطوع إذا شرع، فالمعنى: لا يجب عليك من الصلاة غيرهن إلا إذا تطوعت فتعين عليك إتمام ما دخلت فيه، ويؤيده قوله تعالى: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ}، ومذهب جماعة من العلماء أنه لا يجب الإتمام ولكنه يستحب، وهو مذهب الشافعية. ويحتمل أن الإستثناء منقطع فيكون المعنى: لكن إن أردت أن تطوع أو يستحب لك أن تطوع، وتقدير: يستحب؛ فيه بُعْدٌ والوجه الأول أظهر. وتقدم أنه يدل على وجوب إتمام ما شرع فيه، وهو قول المالكية والحنفية، وتؤيده الآية المتقدمة والإتفاق على أن الشروع في النسك يوجب إتمامه. وقد استدل ابن حجر بحديث النسائي الآتي في الصيام: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ينوي الصوم ثم ينظر، وهو غير مسلَّم لإحتمال أنه إنما يفعل ذلك من ضرورة، ومع ذلك لم يثبت أنه لم يكن يقضي ذلك اليوم. وفي مسند أحمد عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: أصبحت أنا وحفصة صائمتين، فأهديت لنا شاة فأكلنا منها، فدخل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرناه فقال: صوما يومًا مكانه، واستدل به من قال بوجوب إتمام صوم النفل إلا لعذر؛ لأن الأمر للوجوب ووجوب القضاء يدل على وجوب إتمام النفل الذي أمر بقضائه. وروى الدارقطني عن أم سلمة أنها صامت يومًا تطوعًا، فأفطرت فأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تقضي يومًا مكانه. ومما

<<  <  ج: ص:  >  >>