حِسَابًا (٣٧)} وهذا عام في المنافقين وسائر الكفار المكذبين للرسل كما قال تعالى حكاية عنهم: {أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ}. والمنافق تقدم تعريفه وهو الشخص المظهر للإسلام المضمر للكفر وكانوا بالمدينة لأن أهلها أطبقوا على الإِسلام وصاروا يقتلون من لم يسلم فلذلك اضطر من غلب عليه الشقاء إلى التظاهر بالإِسلام ليأمن من القتل وأقرهم - صلى الله عليه وسلم - على ذلك مع ظهور حال كثير منهم وإخبار الله عن بعضهم للعلة التي بينها وهي خشية أن يشيع أعداء الإِسلام أنه يدعو الله حتى إذا دخلوا في دينهم قتلهم وأما بعده - صلى الله عليه وسلم - فقد زالت هذه العلة وغير المسلمون عنوان هذا الصنف من الناس إلى تسميتهم زنادقة واتفقوا على وجوب قتل من أصر منهم أما من قال إنه تائب فإن كان ذلك من تلقاء نفسه قبل أن يطّلع عليه قبل منه اتفاقًا وإن قال ذلك عند اطلاع المسلمين على حاله فعند مالك -رحمه الله- لا يقبل ذلك ويقتل فإن كان صادقًا نفعه في الآخرة لأنه لم يزد على أنه تظاهر بالإِسلام وقد كان متظاهرًا به وعند غيره ينفعه ذلك إلا أن يظهر منه خلافه. قوله:(والصف الأول على مثل صف الملائكة) أي في القرب من الله -عز وجل- وكثرة التعرض لنفحاته وهو يدل على أن الملائكة صفوف عند الله كما قال - صلى الله عليه وسلم - صفوا كما تصف الملائكة عند ربها قالوا: وكيف تصف الملائكة عند ربها قال: يتمون الصف الأول فالأول وقوله: (لو تعلمون فضيلته لابتدرتموه) أي لو علمتم كنه ذلك أنتم وإياهم لتسابقتم إليه كما في الحديث الآخر وهو في الصحيحين: ولو يعلمون ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا (وصلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده) أي أكثر ثوابا ولا مفهوم للرجل بل المرأة كذلك فيما هو جائز لها من الاقتداء وكذا يقال مع الاثنين بالنسبة لمع الواحد وقوله (وحده) حال لأنها بمعنى منفردًا وقوله (وما كان أكثر) أي وكلما كانوا أكثر عددًا فهو أحب إلى الله وأعظم لأجرهم وما مصدرية أي مدة كونهم أكثر.