والثاني: بجمع بينهما في غرفة واحدة يتمضمض منها ثلاثًا ثم يستنشق منها ثلاثًا وهذا أصعبها بل لا يكاد يحصل ذلك مع أحد من الناس لقلة ماء الغرفة فالغالب أنها لا تتحمل ذلك على الوجه المطلوب.
الثالث: يجمع بينهما أيضًا في غرفة لكنه لا يوالي بين المضمضة بل يتمضمض ويستنشق ثم يتمضمض ويستنشق ثم الثالثة كذلك وهو في الصعوبة كالذي قبله وكلاهما يصدق عليه أنه من غرفة واحدة.
والرابع: يتمضمض ثلاثًا من غرفة ويستنشق ثلاثًا من غرفة أخرى.
الخامس: أن يفعلهما بست غرفات لكل مرة من المضمضة غرفة وكذا الاستنشاق. وهذه والله أعلم أبعدها عن ظواهر الأحاديث.
واتفقوا على أن المضمضة مقدمة على الاستنشاق وهذه الأحاديث أحاطت بصفة الوضوء وقد أجمعوا على أن الأفضل فيه ثلاثًا إلا الرأس كما اتفقوا على أنه لو استوعب الفرض بغرفة واحدة أجزأه ذلك واختلفوا في مسح الرأس هل يسن فيه التثليث أم لا، فذهب الجمهور من العلماء إلى أنه لا يثلث، وذهب الشافعي -رحمه الله- إلى أنه يثلث كسائر الأعضاء فحجة الجمهور ظاهرة لأن الأحاديث الصحيحة تدل على أنه ليس كغيره في التثليث وأما الشافعي فاحتج بحديث عثمان وفيه:"توضأ ثلاثًا ثلاثًا" فدخل فيه مسح الرأس في الجملة وهو دليل أعم من موضوع الخلاف وهو أيضًا مجمل والتصريح بعدم التكرار مبين لعدم دخوله في قوله: (ثلاثًا ثلاثًا) المذكور، وبالقياس على سائر الأعضاء وهو مصادم للرواية التي تقدمت وفيها التصريح بكونه مرة واحدة ولم يذكر في هذه الأحاديث مسح الأذنين وسيأتي إن شاء الله تعالى.