استدل أحمد ومن وافقه بهذا الحديث على جواز المسح على العمامة، لكن بشرط أن تكون محنّكة أو لها عذبة كما تقدّم عنه، وجعلها بمثابة الخفّين.
واستدل به الشافعي على جواز الإِقتصار في المسح على بعض الرأس ولم يعتبر المسح على العمامة، واستدل به أبو حنيفة على أشهر الأقوال في مذهبه من أن ربع الرأس هو الفَرضُ وعندهم فيه أقوال، وقد تقدّم الكلام على حكم المسألة في شرح حديث بلال رقم ١٠٤ في باب المسح على العمامة.
وأما مالك ومن يقول بقوله فهم يحملون الحديث على أن ذلك كان لِعلَّةِ وأن العمامة بمنزلة الجبيرة والعصابة عند الضرورة فإن لم تكن ضرورة فلابد من مسح الرأس كله على المشهور عند مالك أو أكثره على الرواية الأخرى عنه.
وتقدّم أن من لا يرى المسح على العمامة يستدل بهذه الرواية وَيردُّ إليها بقية الروايات فيجعل المراد بقولهم مسح على العمامة أي مع بعض الرأس فيكون من باب حمل المطلق على المقيد والله أعلم.
٨٨ - باب كَيْفَ الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ
١٠٩ - أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ وَهْبٍ الثَّقَفِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ قَالَ: خَصْلَتَانِ لَا أَسْأَلُ عَنْهُمَا أَحَدًا بَعْدَ مَا شَهِدْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: كُنَّا مَعَهُ فِي سَفَرٍ فَبَرَزَ لِحَاجَتِهِ ثُمَّ جَاءَ فَتَوَضَّأَ وَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَجَانِبَيْ عِمَامَتِهِ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ قَالَ: وَصَلَاةُ الإِمَامِ خَلْفَ الرَّجُلِ مِنْ رَعِيَّتِهِ فَشَهِدْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ كَانَ فِي سَفَرٍ فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَاحْتَبَسَ عَلَيْهِمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَقَدَّمُوا ابْنَ عَوْفٍ فَصَلَّى بِهِمْ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى خَلْفَ ابْنِ عَوْفٍ مَا بَقِىَ مِنَ الصَّلَاةِ فَلَمَّا سَلَّمَ ابْنُ عَوْفٍ قَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَضَى مَا سُبِقَ بِهِ.