الإِمام الحافظ شيخ الإِسلام قاضي مصر أبو عبد الرحمن، أحمد بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر النسائي، نسبة إلى مدينة بخراسان يقال لها نسا، فهو خراساني المولد، والمنشأ، ولد سنة ٢١٥ هـ، وقيل ٢١٤ هـ. سمع من قتيبة بن سعيد وأكثر عنه، وكان رحل إليه، وهو ابن ثلاثين سنة كما جزم به الذهبي، وفيما نقل هو أن ذلك على التقريب، وقال: أقمت عنده سنة وشهرين، وسمع إسحاق بن راهويه، وهشام بن عمار، وأبا كريب، وسويد بن نصر، والحارث بن مسكين، وعيسى بن حماد زُغْبة، وخلائق في أقطار البلاد، غيرهم بخراسان والعراق، والحجاز، والشام، ومصر، ورحل في هذه الآفاق، واستقر بمصر، وروى عنه خلائق كثيرون منهم: ابنه عبد الكريم، وأبو بكر أحمد بن محمَّد بن إسحاق ابن السني، وأبو علي الحسن بن رشيق العسكري، وأبو القاسم حمزة بن محمَّد بن علي الكناني الحافظ، وأبو الحسن محمَّد بن عبد الله بن زكريا بن حيوية ومحمد بن معاوية بن الأحمر، ومحمد بن القاسم الأندلسي، وعلي بن أبي جعفر الطحاوي، وأبو بكر أحمد بن أحمد المهندس، هؤلاء رواة كتاب السنن كما قال صاحب التهذيب، وابن الأحمر هو الذي أدخل كتاب السنن الأندلس، وروى عنه أيضًا أبو بشر الدولابي وهو من أقرانه وأبو عوانة في صحيحه وأبو بكر الحداد الفقيه وأبو علي بن هارون وأبو جعفر العقيلي وأبو علي النيسابوري الحافظ، وخلق غيرهم، وقد اتفق الأئمة على حفظه وإتقانه، وجلالة قدره، وتبريزه في علم الحديث، ومعرفته بالرجال، وثناء الأئمة عليه كثير، قال الحاكم: سمعت علي بن عمر الحافظ غير مرة يقول: أبو عبد الرحمن مقدَّم على كل من يذكر بهذا العلم من أهل عصره، وقال مرة: النسائي أفقه مشايخ عصره، وأعرفهم بالصحيح، والسقيم، وأعلمهم بالرجال فلما بلغ هذا المبلغ حسدوه، فخرج إلى الرملة فَسئِل عن فضائل معاوية فأمسك