مردود فقد ذهب جماعة، منهم أبو ثور وداود وغيرهما إلى أن الغسل لا ينوب عن الوضوء للمحدث، وقد نص أحمد وغيره على أنها عبادة كبرى وصغرى، فتدخل الصغرى في الكبرى كالعمرة والحج.
قلت: ومثله غسل الجنابة مع غسل الجمعة أو غسل العيد أو الإحرام، أو صلاة تحية المسجد مع الفرض، وصوم القضاء في يوم الإثنين والخميس أو يوم عاشوراء، إلا أن أحمد يشترط نية الحدث الأصغر في وضوء الجنابة مع الأكبر.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني:(فإن لم ينو الوضوء لم يجزه إلا عن الغسل، فإن نواهما ثم أحدث أثناء وضوئه أتم غسله، ثم توضأ)، والمراد منه -وهذا في شرح قول الخرقي: وإن غسل مرة وعم بالماء رأسه وجسده ولم يتوضأ أجزأ بعد أن يتمضمض ويستنشق وينوي الغسل والوضوء إلخ. اهـ.
قال في الشرح:(يعني أنه يجزئه الغسل عنهما إذا نواهما، نص عليه أحمد وعنه رواية أخرى: لا يجزئه الغسل عن الوضوء) إلى أن قال: (وهو أحد قولي الشافعي) اهـ.
وقال ابن عبد البر:(المغتسل من الجنابة إذا لم يتوضأ وعم جميع جسده فقد أدى ما عليه، لأن الله تعالى إنما افترض على الجنب الغسل من الجنابة دون الوضوء بقوله:{وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}، وهو إجماع لا خلاف بين العلماء فيه، إلا أنهم أجمعوا على استحباب الوضوء قبل الغسل تأسيًا برسول الله - صلى الله عليه وسلم -) اهـ.