أم المؤمنين عن صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: قالت: كان ينام أول الليل ويحيي آخره، ثم إن كانت له حاجة قضى حاجته ثم ينام قبل أن يمس ماء، فإذا كان عند النداء الأول وثب -وربما قالت: قام- فأفاض على رأسه الماء وما قالت: اغتسل، وأنا أعلم ما تريد وإن نام وهو جنب توضأ وضوء الرجل للصلاة، فهذا يدلك على أن قولها: ثم إن كانت له حاجة؛ حاجة الإنسان من البول والغائط فيقضيهما ثم يستنجي ولا يمس ماء، ثم ينام فإن وطئ توضأ كما في آخر الحديث، ويحتمل أن يريد بالحاجة الوطء وبقولها: ثم ينام ولا يمس ماء؛ الإغتسال، ومتى لم يحمل الحديث على أحد هذين الوجهين تناقض أوله وآخره، فتوهم أبو إسحاق أن الحاجة حاجة الوطء، فنقل الحديث على معنى ما فهمه) اهـ.
قلت: ويؤيد كلام القاضي أبي بكر في معنى قول عائشة، ما أخرجه أحمد عن عائشة قالت:"كان يجنب من الليل ثم يتوضأ وضوءه للصلاة ولا يمس ماء أي لا يغتسل"، فهذا يوافق تفسير ابن العربي لقولها: ولا يمس ماء، على فرض أن حاجته في الحديث الوطء. وقد استدل ابن خزيمة وأبو عوانة على عدم الوجوب بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة"، وهو ثابت في السنن.
وقد أخرج ابن خزيمة وابن حبان من حديث ابن عمر "أنه - صلى الله عليه وسلم - سئل أينام أحدنا وهو جنب؟ قال: نعم ويتوضأ إن شاء"، فهذا فيه ما يدل على وجه الجمع بين هذه الروايات بأن يحمل الأمر على الندب والترك على بيان الجواز، كما هو مذهب الجمهور ومن رأى خلاف ذلك لم يثبت عنده ما يعارض أحاديث الأمر بالوضوء للجنب إذا أراد النوم؛ لكثرة رواياتها وصحة طرقها، والله الموفق للصواب.