رجوت لك. فلما شرع في الصلاة واجتهد في الخشوع؛ جاءه الشيطان فذكره المحل فقطع الصلاة. وهذا من كيده حتى لا يحصل للعبد ثواب تلك الصلاة، لأنه خير له من الدنيا وما فيها. وسيأتي الكلام على الخشوع، وتقدم طرف في حديث عثمان في الطهارة. وقوله:(حتى يظل المرء) بالظاء المفتوحة، وأصله: اتصاف المخبر عنه بالخبر نهارًا، ثم استعمل بمعنى يصير أو يبقى، كما في قوله تعالى:{ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ}. و (إن) نافية بمعنى: ما، ويروى: يضل بالضاد المكسورة بمعنى. ينسى، كما في قوله (أن تضل إحداهما) الآية، وهي للأصيلي وقوله (إن) بكسر الهمزة رواية الجمهور نافية بمعنى (ما) كما تقدم. وذكر القاضي عياض أن رواية ابن عبد البر بالفتح، وادعى أنها رواية أكثرهم، وكذا ضبطه الأصيلي، ويتجه مع رواية: يضل؛ لأنها تكون بمعنى: يجهل و (إن) وما دخلت عليه: في محل تأويل مصدر مفعول به و (يدري) من: درى بمعنى علم، وهي من أفعال القلوب، وقوله:(كم صلى)(كم) استفهامية، مفعول به لصلى، و (درى) معلق عن العمل بالاستفهام، بمعنى: أنه يشك في عدد ما صلى بشغل قلبه بالوسوسة.
• الأحكام والفوائد
الحديث دليل على فضل الأذان وقد تقدم ذكر ذلك، وفيه: دليل على فضل المؤذنين لأن بفعلهم يتأذى الشيطان، وفيه: فضل الصلاة والدعاء لحضورها، وفيه: أن الذكر يطرد الشيطان، ولهذا ورد الحديث بأن من وجد وحشة وهو منفرد فليؤذن. وفيه: دليل على خبث الشيطان وكراهته لاشتغال بني آدم بطاعة ربهم، ويستفاد: عدم جواز التولي عن جهة الصلاة وقت الأذان من غير ضرورة؛ لأنه فعل الشيطان. وفيه: حرص الشيطان على صرف العباد عن الخير، وأن اشتغال، القلب عن الخشوع إنما يكون من الشيطان.