المتبادر من الأمر بالقيام الوقوف، و (ناد) مجزوم لأنه معطوف على قوله: (قم). ونقل القاضي عياض أن مذهب العلماء كافة أن الأذان قاعدًا لا يجوز، إلا أبا ثور ووافقه أبو الفرج من المالكية، ويأتي في الأحكام.
• الأحكام والفوائد
الحديث فيه دليل على وجوب الاهتمام بأمور الدين عامة وأمر الصلاة خاصة، وفيه اجتماع الناس عند الكبار من أهل العلم والفضل عند حصول ما يحتاج إلى النظر فيه، وقد قال تعالى:{وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ} الآية. وفيه: استعمال الاستشارة، قال تعالى:{وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ}، وفيه أن المتشاورين يبدي كل منهم رأيه، ولا يلزم الأخذ إلا بما يظهر صوابه، وفيه كراهة الاقتداء بأهل الأديان من غير دين الإِسلام، بل تجب مخالفتهم في عوائدهم وسائر ما يختص بهم، ولهذا لم يرض عمر أن يقتدي بأحد منهم في التاريخ، وقد ابتلي المسلمون في هذه العصور بمحبة عوائدهم وتقليدهم في جميع أفعالهم، وهذا من البلية والمصيبة في الإِسلام. وفيه منقبة لعمر - رضي الله عنه -. وفي قوله:(قم فناد) ما تقدم من أن بعض العلماء احتج به على أن الأذان يكون في حال القيام دون سائر الأحوال. قال النووي:(ومذهبنا المشهور أنه سنة، فلو أذن قاعدًا من غير عذر صح لكن فاتته الفضيلة. قال: ولم يثبت في اشتراط القيام شيء) اهـ قال العيني: (وفي كتاب أبي الشيخ، مسند لا بأس به عن وائل بن حجر: حق وسنة مسنونة ألا يؤذن إلا وهو طاهر، ولا يؤذن إلا وهو قائم) اهـ قال ابن حجر: (المشهور عند الحنفية كلهم أن القيام سنة، وأنه لو أذن قاعدًا صح)، والصواب ما قاله ابن المنذر أنهم اتفقوا على أن القيام سنة، وفيه دليل على مشروعية طلب الأحكام من المعاني المستنبطة دون الاقتصار على الظواهر.
تَثْنِيَةِ الأَذَانِ
٦٢٤ - أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ بِلَالًا أَنْ يَشْفَعَ الأَذَانَ وَأَنْ يُوتِرَ الإِقَامَةَ.