الأصل، وهو تعميم محل الطهارة المائية بالتراب؛ لأن التيمم الذي هو بدل الوضوء لا يمسح فيه جميع أعضاء الوضوء، فلا يمسح فيه الرأس ولا القدمان، فلما كان الوصف غير موجود في الأصل انتفى وجوده في الفرع، فاختل القياس لعدم مساواة الأصل للفرع من هذا الوجه، وهو الفاسد في هذا القياس. وبقي الوجه الثاني: وهو إقرار عمار على قياس استعمال التراب بدل الماء في الحدث الأكبر على استعماله في الأصغر، وبهذا صح أن يُستدل بالحديث على صحة القياس في الجملة، وإنكار النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما كان لعدم وجود ما اعتبره عمار من التعميم للبدن، لعدم وجوده في الأصل الذي هو أعضاء الوضوء، ولا يلزم من ذلك فساد القياس بالكلية، ولهذا قال:"إنما كان يكفيك -في إلحاق التطهير من الجنابة بالتطهير من الحدث الأصغر- هكذا" وأراه كيفية التيمم. وفي الحديث: طلب التثبت في الأمر والفتيا وهو كثير في فعل عمر - رضي الله عنه - وفيه: رد الحكم إلى من أفتى فيه ببينة أو دليل عليه إذا كان مؤتمنًا فيما يقوله، وفي هذه العبارة دليل على أن عمر رجع إلى قول عمار, لأنه لم يكن ليقولها إلا وقد علم أن الحق معه، وذلك يرد قول ابن مسعود لأبي موسى -رضي الله عنهما- الآتي: ألم تر عمر لم يقنع بقول عمار؛ لأنه لو لم يقنع به لنهاه عن التحديث به والفتيا في ذلك، فإن عمر ما كان ليسكت له على شيء لا يراه حقًا ويقرّه على الفتيا به، وهذا بيِّن ظاهر والله أعلم.