قلت: وتوضيح هذا أن الحنفية يرون القروء هي الأطهار فتنتهي العدة عندهم برؤية الدم من الحيضة الثالثة، لكن أوجبوا على المرأة الحبس بالعصمة حتى تغتسل منها وجعلوا لزوجها أن يراجعها، وقياس هذا يحتم عليهم القول بأن الوطء لا يجوز إلا بعد الغسل كما قال الجمهور. ومما استدل به الجمهور أيضًا أن الأصل عند الأكثرين تقديم جانب الحظر على جانب الإباحة، لاسيما إذا كان الشيء محظورًا قبل دعوى الإباحة كما هنا، والله أعلم.
قلت: ومثل قول الحنفية في التفرقة بين عشرة أيام وغيرها في البعد عن الدليل؛ قول من أوجب العتق على الواطئ فإنه لا وجه له على فرض صحة الحديث؛ وكذلك التفرقة بين أول الحيض وآخره وبين كثرة الدم وقلّته؛ كل ذلك لا مستند له من نص ولا قياس صحيح.
١٨٣ - باب مَا تَفْعَلُ الْمُحْرِمَةُ إِذَا حَاضَتْ
٢٩٠ - أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَا نُرَى إِلَّا الْحَجَّ، فَلَمَّا كَانَ بِسَرِفَ حِضْتُ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا أَبْكِي فَقَالَ:"مَا لَكِ، أَنَفِسْتِ؟ " فَقُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَاقْضِي مَا يَقْضِي الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ"، وَضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ نِسَائِهِ بِالْبَقَرِ.
• [رواته: ٥]
١ - إسحاق بن إبراهيم الحنظلي: تقدّم ٢.
٢ - سفيان بن عيينة الهلالي: تقدّم ١.
٣ - عبد الرحمن بن القاسم: تقدّم ١٦٦.
٤ - القاسم بن محمد بن أبي بكر - رضي الله عنه -: تقدّم ١٦٦.
٥ - عائشة -رضي الله عنها-: تقدّمت ٥.
• التخريج
أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود وأحمد، ولابن ماجه والترمذي طرف منه، وأخرجه الطيالسي. وهو في الصحيحين وغيرهما مطولًا ومختصرًا