حسب حال القريب، فمنهم من يكون يحتاج إلى الصلة في المواساة بالمال، ومنهم من يحتاج إليها بالبدن ونحوه، وكل ذلك داخل في صلة الرحم. وقوله:(ذرها) فعل أمر، والغالب كما تقدم أن هذه المادة لا يستعمل منها إلا الأمر والمضارع، فإذا أريد غيرهما استعمل الترك. وقوله:(كأنه. . .) إلخ قد جاء مصرحًا به في رواية أبي هريرة: أنه كان آخذًا بخطام ناقته - صلى الله عليه وسلم -؛ وهي المراد بالراحلة، وهذه الجملة من كلام بعض الرواة غير أبي أيوب.
• الأحكام والفوائد
الحديث فيه: السؤال عن أمور الدين بصفة عامة، وفيه: إطلاق دخول الجنة بالأعمال على أنها سبب له لا أنها تفعل، بل لا تستقل به إلا بفضل من الله. وفيه: الإهتمام بأمر الإخلاص لأنه أساس العبادة، قال تعالى:{فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}، وفيه: دليل على أن أهم شيء بعد ذلك الصلاة ثم الزكاة، كما جاء في أحاديث كثيرة بل وفي آيات من كتاب الله. وفيه: دليل على تحتم صلة الرحم، وتقدم أنها تشمل سائر البر لسائر القرابات، وأهمها بر الوالدين ولو كانا كافرين كما قال تعالى:{لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ. . .} الآية، ولكن لا يجوز موالاتهم وهم كفار، ووجوب صلة الرحم يحتم على الإنسان معرفة قراباته، كما جاء مرفوعًا:"تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم". وفي الإقتصار في التعليم على هذا القدر مع كثرة وظائف الدين؛ ما يدل على أهمية المذكور، وأما الصيام والحج فلعل السائل كان حاله منبئًا عن كونه قد عرف ذلك مع دخوله في عبادة الله. وأما التنصيص على صلة الرحم فمن المحتمل أن يكون - صلى الله عليه وسلم - قد عرف من حال السائل أنه مقصر في ذلك، وهو كثيرًا ما يجيب على حسب حاله والله أعلم.
باب عَدَدِ صَلَاةِ الظُّهْرِ فِي الْحَضَرِ
٤٦٦ - أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ سَمِعَا أَنَسًا قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - الظُّهْرَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، وَبِذِي الْحُلَيْفَةِ الْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ.